موضي عبدالعزيز الحمود :
لا شك في أن يقين الكثيرين منا مستقر ومتفق مع ما قاله الوزير البريطاني فرانسيس مود في القمة الحكومية الأخيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة «بأنه من المهم التركيز على بناء العقول التي تستطيع أن تنتقل ببلادها إلى اقتصاد أفضل وبتكلفة أقل…». ويأتي هذا القول متزامناً مع بصيص الشعاع الذي أطلقه بعض شباب الكويت ليبعث في نفوسنا فرحة افتقدناها مع اضطراب أحوال شبابنا العربي، ومع تراكم مشاكلنا المحلية، وجنوح كثيرٍ من شباب الكويت إلى العنف والتطرف أو الفراغ والضياع. هذا الشعاع الذي تمثل بالإنجاز والإبداع على المستوى العالمي، وليس المحلي، حيث سلك الشاب الكويتي محمد جعفر وصحبه طريق المثابرة والعمل الجاد والإصرار والتميز عندما استثمر وطور مشروع Talabat.com حتى جذب المستثمرين العالميين لشرائه، وحققت الصفقة موقعاً متميزاً بين الصفقات الاقتصادية للمشاريع الشابة، فقد تملكت الشركة الألمانية المستثمرة هذا المشروع الواعد بقيمة مئة وخمسين مليون يورو. هذه قصة نجاح تشترك مع غيرها من قصص نجاح بعض شباب الكويت ممن استطاعوا تخطي العقبات البيروقراطية الحكومية، واستطاعوا بجهد جهيد المرور عبر نفق الفساد المستشري في زوايا معظم الإدارات الرسمية المعنية، وأن يحققوا النجاح لمشاريعهم، التي لا تجد – مع الأسف – في معظم الأحيان الرعاية المستحقة إلاّ ممن رحم ربي من جهود مشكورة تبذلها اللجنة العليا الإشرافية المنبثقة عن المشروع الوطني للشباب في الديوان الأميري، أو الشركة الكويتية لتطوير المشروعات الصغيرة، وضمن أطر محدودة.إننا نجد أنه في هذا الوقت الذي يشتكي فيه المستثمرون من الشباب وغيرهم مُرَّ الشكوى من الإحباط وكسر المجاديف.. تتجلى دولة الإمارات العربية في النقاش الجاد والدائر «بالقمة الحكومية» التي تعقدها سنوياً وسط حضور عالمي وعلمي ومهني متميز، وتحمل هذا العام عنوان «سياسات ذكية لقطاع حكومي مبتكر»، حيث تتبلور الفكرة المطروحة في هذه القمة في ما تفضل به البروفيسور كلاوس شوب «من أن دور الحكومات في تشكيل مستقبل الأمم والشعوب بات أكثر أهمية من أي وقت مضى…».فهل لنا أن نأمل في أن تدفع حكومتنا وأجهزتها العتيدة بدعم الشباب وتشجيع استثماراتهم ومبادراتهم ومشاريعهم الحيوية في مجال الخدمات التقنية أو اللوجستية وفي مجال التجارة والخدمات المصاحبة لمنتجات الطاقة والنفط أو في مجال الخدمات السياحية وغيرها الكثير؟! أكاد أجزم بأن الوقت ملائم ومناقشة الخطة الخمسية قائمة، وقائمة الجهود المستحقة فيها طويلة، ولكن يجب أن تتصدر جهود تنويع مصادر الدخل وتشجيع الشباب على العمل الحر والمُنتج مركز الأولوية إذا أردنا دخول عالم المستقبل بثقة.الكويت جميلة في هذه الأيام بزينة العيد الوطني وعيد التحرير وأضوائه، وزينة الربيع وأجوائه.. خاصة في ربوع قرية الشيخ صباح الأحمد التراثية، حيث وجدنا الجو العائلي المتميز والكرم والاهتمام بالزائرين والضيوف.. شباب القرية مثل الورد منتشرون في أنحاء القرية يستقبلون ضيوفهم ويبرزون وجه الكويت الحضاري في الكرم والترحيب.. فشكرا للقائمين على هذا المشروع. والله الموفق.
