آراءدوليصورة و خبر

صقر يكتب: كيف تسقط نظاماً ديكتاتورياً !؟

بقلم/ محمود صقر

محمود صقر
محمود صقر

سنعتمد في هذا المقال على دراسة لرئيس مؤسسة ألبرت أينشتاين “جين شارب” في مقاومة الديكتاتورية ؛ نشرها مركز دراسات الوحدة العربية . وهي دراسة في المقاومة اللاعنيفة للأنظمة الديكتاتورية.
وكمدخل للدراسة نوضح أن إسقاط النظم الديكتاتورية ليس هدفا نهائيا ؛ بل الهدف هو إنشاء مجتمع حر ونظام ديموقراطي يحترم حقوق الإنسان ويسعى لتحقيق العدالة والرفاة .
وبناءً عليه فإن تقييم وسائل إسقاط الديكتاتورية يرتبط أيضاً بجدوى تحقيقها لهدف ما بعد إسقاط الديكتاتورية .
وقبل الوصول لموضوع الدراسة نستعرض تجارب الشعوب في مقاومة الأنظمة الديكتاتورية وجدواها .
١– استخدام الكفاح المسلح :
وهي مواجهة مسلحة مباشرة مع النظام قد ينتهجها بعض المضطهدين و الضحايا و المتحمسين و اليائسين من التغيير السلمي ، وقد يمتلكون شجاعة نادرة ويقدمون تضحيات عظيمة ؛ بل قد يحققون بعض الضربات الموجعة للنظام ، ولكن هذه الوسيلة يتميز الطغاة دائما بالتفوق فيها .
٢– حرب العصابات :
قد يلجأ هؤلاء الذين يتضح لهم عدم جدوى المواجهة العسكرية المباشرة إلى حرب العصابات وهي عمليات نوعية تتم ضد أفراد أو جماعات أو مؤسسات تابعة للنظام .
وكلا الخيارين السابقين يوفران غطاءً للنظام للتنكيل بخصومه وتكميم الأفواه واستخدام القوانين الاستثنائية ، وتعليق فشله سياسيا واقتصاديا على شماعة مكافحة الإرهاب ؛ بل يتسبب في تشويه صورة المقاومين والتفاف مزيد من الأنصار حول النظام تحت تأثير الخوف والتماساً للأمان .
فهذا الخيار يتسبب في خسائر فادحة ولا يعود في أغلب الأحيان بالنفع على الشعوب المضطهدة ، والأكثر من ذلك فإن هذا الأسلوب لو قُدِّر له النجاح فلن يقود إلى الهدف المنشود من دولة العدالة والحرية ؛ بل سيقود لخلق نظام ديكتاتوري بديل ، وقد يكون أكثر ديكتاتورية من سابقه .
٣– الانقلاب العسكري :
وإن كان هذا الخيار قليل التكلفة وسريعًا إلا أنه لا يغير من مساوئ النظام السابق بل يستبدل فئة سلطوية بفئة أخري قد تتحول إلى نظام أكثر جشعا وهمجية من السلطة السابقة .
٤– التدخل الأجنبي :
في الأصل الدول الأجنبية المؤثرة هي أكبر سند للأنظمة الديكتاتورية وشريك لها في امتصاص دماء وخيرات الشعوب ، ولا تتخذ إجراءً ضد الأنظمة الديكتاتورية إلا من أجل الابتزاز والحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية ، وقد تلجأ مضطرة تحت ضغط المقاومة وقربها من إزالة الديكتاتور إلى بيع ديكتاتورها والتخطيط لتنصيب عميل جديد .
هذه تجارب تستطيع أن تجد لها أمثلة من حولك تقطع الشك في نتائجها باليقين .
وعليه فإن الشعوب أمامها أحد طريقين : 
إما الاستسلام والإذعان والتأقلم مع حكم ديكتاتوري انتظاراً لسقوطه الذاتي الذي قد لا يأتي في جيل ولا أجيال .
أو اعتماد الشعوب على نفسها فقط في كفاح قد يطول ومقاومة لاعنيفة (بدون سلاح قتل) .
وهو ما تقدمه هذه الدراسة كعلاج قد يحقق هدف إزالة السلطة الديكتاتورية واستبدالها بنظام ديموقراطي بتكاليف أقل وفي زمن قد يكون أقصر من استخدام العنف .
بالطبع هذه الوسيلة قد تكون مرفوضة من الفريق المؤيد لاستخدام العنف ، ولا يرى أي جدوى منها ، بل يراها نوع من الاستسلام والخوف من المواجهة . وكذلك يراها من يتشبثون بأي وضع قائم يُسَوِق لهم وهم الاستقرار والرخاء الذي لا يأتي أبداً ، على أنها شغب يستهدف إسقاط الدولة .
ولهؤلاء وأولئك فإن الدراسة تحتاج مزيدًا من التوضيح حول تعريف (الكفاح اللاعنيف) وتجارب الأمم ، حتى يزداد الأمر وضوحاً وهو ما سنستمر فيه في مقالات تالية 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى