آراءدوليصورة و خبر

8 مشاهدات من أوربا تكشف عورة العرب

IMG-20151027-WA0031
الكاتب الصحافي محمد عبد العزيز

بقلم : محمد عبد العزيز

لعقود طويلة من الزمان تتسابق أسئلة أمام ناظري حائرة لا تجد أجوبة شافية ، الأسئلة جلها تدور حول محور وحيد مفاده : لماذا تقدمت دول الغرب وتراجع العرب على كل الأصعدة ؟

 

الخلافة الإسلامية ظلت ثلاثة عشر قرنا ونصف ” 1350 عاما  ” بحسناتها وهناتها ، أمن ارتباط  بين زوالها وتراجع الدول العربية التي يعتنق السواد الأعظم من  مواطنيها الإسلام  أم ماذا ؟

 

ففي  إحصائية دامغة صدرت عام 2016  أوضحت أنه في 22 دولة عربية ، ما نسبته 20% من مسلمي العالم ، بحيث بلغ إجمالي عدد المسلمين في الشرق الأوسط وفي القلب منها الدول العربية حوالي 300 مليون  مسلم ، وتتراوح نسبة المسلمين في الدول العربية من 90-99%.

 

وفي قارة مساحتها تعادل 7% من مساحة الدنيا ” 10.2 مليون كم2″ ارتحلنا لمدة أسبوع ، في ثالث أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم  (11 % من سكان الأرض) إذ يزيد عدد سكانها على 700 مليون نسمة – أوربا -.

 

تخيرنا السفر إلى دولتين هما ألمانيا والنمسا للتعرف عل تجربتهما في التميز والتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى ، ولما لا وقد أسهمتا في العقود السبعة الأخيرة في دور بارز لعبته أوروبا في كل مناحي الحياة ، بدءاً من القرن الخامس عشر، خاصة عقب بداية الاستعمار، إلى الحدِ الذي سيطرت فيه الدول الأوروبية بين القرنين السادس عشر والعشرين، في أوقات مختلفة على الأمريكتين، ومعظم أفريقيا ، وأجزاء كبيرة من آسيا.

 

 وقد أدت الثورة الصناعية، التي بدأت في بريطانيا العظمى في نهاية القرن الثامن عشر، إلى تغييرات اقتصادية وثقافية واجتماعية راديكالية في أوروبا ، لتشمل بعد ذلك العالم كله .

 

وفي طيات الرحلة التي قمت بها ضمن فريق متميز من الزملاء من جنسيات عدة سافرنا إلى دولتي النمسا والمانيا ، وكان هدفي الأسمى البحث عن أجوبة شافية لبعض تساؤلاتي الحائرة ، وأنتجت هذه الرحلة الماتعة جواباً واحداً لكل تلك الأسئلة التي حيرتني طويلاً ،لخصته ثمانية مشاهد  صورتها على النحو التالي :-

 

المشاهدة الأولى

 بدأت الرحلة من مطار الكويت إلى مطار الدوحة ثم نظيره في ميونخ ومنه إلى دولة النمسا ،  والمشاهدة الأولى من الرحلة تلك الفروق الشاسعة بين المطارات الثلاثة ، ويتقدمها المطار الألماني الذي لا يعتمد على كثرة البشر العاملين بقدر ما يسخر التقنيات الحديثة “جدا ” لخدمة البشر ، فضلا عن انسيابية الحركة داخله والتدقيق الواعي “المحترم” من قبل عناصر الداخلية المنوط بهم استقبال الزائرين . وفي المرتبة الثانية يأتي مطار الشيخ حمد وهو تحفة رائعة مقامة على مساحة شاسعة ترهق المتجول فيها وتبهره أيضا ، يستقبلك القطريون بابتسامة هادئة ويودعونك بمثلها.

 

المشاهدة الثانية

 المشاهدة الثانية .. في طريقنا من مطار ميونخ الى المقصد السياحي الأول لنا  حيث مدينة غارمش ” Garmish ”  وهي إحدى جنان الله  في الأرض ، هي من أجمل المدن في الجنوب الألماني وتقع بمحاذاة حدودها مع النمسا .

 

بدأ الطريق إلى غارمش من مدينة ميونخ ، وكان قائد سيارتنا ماهراً جدا فاستمتعنا أثناء الرحلة بمناظر خلابة على جانبي الطريق ، فلم نشعر بالوقت من روعة الطريق والمساحات الخضراء الغناء التي تحيط بنا من كل حدب وصوب . في البداية ظننت أنها ستكون لمدة محدودة أو مساحة ما من الأرض لكني فوجئت أن 75% من مساحة المدينة كلها خضراء حتى الجبال يكسوها اللون الأخضر المنسق . وصلنا المكان المعني وتناولنا طعام الغذاء ” أسماك ” على بحيرة ساكنة يعمرها الهدوء الماتع ، ثم أدينا الصلاة على مقربة من مياه البحيرة ووثقنا الزيارة بالعديد من اللقطات المصورة والمتلفزة . ومن أهم الأماكن السياحية في غارمش القمم الثلجية الشهيرة التي تعد من أكثر القمم في أوروبا جذبا للسياح  ، ثم زرنا تلك القمم عبر قطار صعد بنا حوالي ألفاً وخمسمائة مترٍ فوق سطح الأرض وهناك كانت الثلوج البيضاء الجميلة تغطي المكان ، وعبر  ما يسمى  ” تلفريك ” ركب الزملاء منتقلين إلى قمم ثلجية أخرى بينما تخلفت أنا عنهم  وفاتتني تلك المتعة  ، وعاد بنا القطار إلى أرض غارمش بعد أن حانت الخامسة مساء وتأهب جميع الموظفين للرحيل  . في غارمش يمكنك التمتع بالطبيعة الساحرة في جميع فصول السنة ، وتعتبر ممارسة الألعاب الشتوية أحد الأنشطة الجميلة هناك بينما في الصيف تسحرك الطبيعة البديعة والمميزة ، أما غارمش المدينة فتتمتع أيضا بالجمال والهدوء والبساطة في مبانيها واستعمال معظم سكانها للدراجات في تنقلاتهم .

 

المشاهدة الثالثة

 المشاهدة الثالثة ، كانت عقب توجهنا من غارمش إلى المقصد الثاني لنا حيث فندق الإقامة بمنطقة زالامسي في دولة النمسا  ، وتعد هذه المدينة  من أشهر نقاط السياحة الريفية والطبيعية في أوروبا والعالم اجمع فمناظر جبالها الخلابة تسحرك وجداول المياه المنحدرة من أعالي قمم الجبال تشخص الأبصار ، ما جعل تلك المدينة مقصداً للعديد من السائحين من مختلف دول العالم  فهي  تشكل منتجعًا صيفيا ماتعاً  تسطع شمسه – النادرة –  على قمم الجبال الشامخة في جبال الألب في الصيف، وهي أحد أشهر أماكن التزلج على الثلج في الشتاء . قضينا ليلتنا الأولى في أوربا فى فندق زالامسي وفي الصباح غادرناه إلى حيث مقر إقامتنا الجديد في مدينة كابرون المجاورة لها . وكابرون قصة جديدة من السحر والخيال حيث القمم الثلجية ، فهي مقاطعة مساحتها حوالي مائة كم يقطنها حوالي 5 آلاف نسمة ، تتميز بالهدوء الشديد والطبيعة الجميلة سبحان من صور فأبدع .

 

 المواطن النمساوي خفيف الظل هادئ الطباع بسيط إذا مررت عليه تراه يبادئك هو بابتسامة فسلام ، وكما وصف زميلي مصطفى يس هو يرحب بك بهمة عالية  ويشعرك انك ضمن دائرة اهتمامه أثناء تحيته لك ” حقاً انه خلق الإسلام من شعب غير مسلم “

 

المشاهدة الرابعة

 المشاهدة الرابعة من الرحلة الأوربية هي مقاطعة كابرون وهنا حدث عن الجمال ولا حرج ، فهي  تشتهر بتغطية الثلوج قممها ما يجعلك تستمتع برؤية مالا يمكن رؤيته في المناطق الأخرى من البحيرات المتجمدة والأنهار الجليدية، وهي شبيهة بمنطقة زيل آم سي من حيث التضاريس البديعة ما يجعل هذه المناطق من أروع أماكن السياحة المتميزة التي تخطف الألباب .

 

وتعتبر كابرون من أشهر المدن في النمسا  التي يقصدها الزوار بعد مدينة فينا، ووقوعها بالقرب من جبال الألب جعلها من أجمل المناطق الثلجية، وللمدينة تاريخ حافل على مر العصور ، وتمتاز بوجود الثلوج فيها على مدار العام مما جعل النمساويين يستغلونها كسياحية ثلجية إذ خُصصت منطقة منعزلة للتزلّج على جبل كيتناشهاورن، وقد تم بناء العربات التي تسير على السكك الحديدية (التلفريك) لمن يرغب برؤية الثلج من دون التزلج.  ومع التلفريك كانت  المتعة الرهيبة أثناء الصعود إلى قمة الجبل لمسافة 3025 متراً وهو عبارة عن ثلاث محطات: الأولى: توصل إلى 1500 متر وتجد استراحة تطل على كابرون . الثانية: توصل إلى مسافة 2400 متر وتجد محلات لتأجير أدوات التزلج ومطعماً ذا إطلالة رائعة على الجبال الثلجية والقرية . بينما كانت المرحلة الأخيرة : عبارة عن عربة واحدة كبيرة تصل بك  إلى منطقة الألعاب الثلجية.

 

ومن أجمل اللحظات التي أمتعتنا في هذه المنطقة التزلج على الجليد وقد أجرى لنا القائد النهام مسابقة وكنت فيها الفائز الأول بفضل الله حتى أن الزملاء شعروا أني – متزحلق – قديم ولا يعلمون أني كنت مرعوباً .

 

لكن ما أجمل الاستمتاع بالتزلّج من دون الشعور بالبرد ، إذ يوجد منتزه مخصص للقيام بممارسة رياضة التزحلق على الجليد ويوفر أماكن للاسترخاء والاستجمام في جو يسوده النظام والأمان والانضباط والأريحية ، فجلسنا على احد المقاهي لتناول القهوة العربي من إعداد الزميل المتألق خالد العقيل وقدمنا التمور والقهوة لبعض السائحين الأجانب في لفتات رائعة تعكس سماحة المسلمين وكرمهم لاقت إعجاب غير العرب هناك .

 

ورأينا في كابرون كيفية استغلال المياه الموجودة فيها من خلال بناء الخزانات (بحيرات اصطناعية لتجميع المياه) في جبال الألب، إذ تستغل المياه المتجمعة في توليد الطاقة الكهربائية لتزويد المنطقة من خلال مولدات خاصة، وتعتبر هذه الطريقة من الطرق النظيفة للحصول على الطاقة الكهربائية والماء بشكل عام من المصادر المتجددة في توليد الطاقة .

 جلت عقب صلاة الفجر ورفيقا دربي ساهر الصايغ ومصطفى يس في شوارع كابرون نطالع أعالي قمم الجبال ونستمتع بالأجواء الباردة ، وحينما بزغ نور الصباح إذ عربات نقل القمامة تظهر في ثوب جميل ، ولكل شارع عربتان ، فذات اللون الأصفر تحمل المخلفات الصلبة من القمامة ، وعربة أخرى باللون البرتقالي تحمل المخلفات الأخرى ، ولا يجد عمال النظافة متاعب تذكر فى التعامل مع تلك المخلفات نظراً لحرص سكان البلد على الاعتناء بوضعها في الأماكن المخصصة لها بشكل راقي ، لدرجة لا تشعر معها أن داخل هذا الصندوق اىة قمامة بل أكياس مغلفة ومغلقة بشكل محكم ، حقا انه الاحترام في أبسط صوره وأفضل معانيه .

لكن من المثالب التي واجهتنا في كابرون قلة  المطاعم العربية التي تبيع الطعام الحلال الذي يناسب المسلمين ، فكنا نعاني الأمرين أثناء البحث عن الوجبات ، وفي النهاية يكون اللجوء إلى الطهاة المهرة معنا خالد العقيل ومصطفى يس وبعض المساعدين البررة من أمثال شعيب الشعيب والدمرداش محمود ، وكنا نأكل رغما عن أنوفنا ” وايش بدنا نسوى ” مجبر أخوك لا بطل .

 

المشاهدة الخامسة

 المشاهدة الخامسة جاءت بعد انتهاء إجراءات الإقامة في الفندق الذي يقع على أطراف المدينة ويطل على قمم جبلية توجهنا إلى وجهة سياحية جديدةهي”سواروفسكى”ذات الكريستال الأشهر عالمياً ، ويقع بالقرب من انسبروك بمقاطعة تيرول ، وما أدراك ما ساوروفسكي وهو اسم علامة تجارية فاخرة في مجال زجاج الكريستال والمنتجات الزجاجية والنظارات ، جلنا في المكان الهادئ الخلاب بمعية القائد النهام الذي كان بمثابة المرشد السياحي لنا في المكان – إذ يعرف عنه الكثير-  فأخبرنا أنه يرجع إلى  عام 1895 مـ  وأسس من قبل دانيال سواروفسكي الذي كان قد حصل على براءة اختراع لآلة القطع الكهربائية  عام 1892 م فسهلت  له إنتاج حلى زجاج الكريستال ومنذ ذلك الحين تطورت الشركة لتصبح كياناً دولياً مع فروع عديدة له ومتاجرفي جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا،. سواروفسكي لديها نحو عشرة آلاف موظف، ولقد ظلت إحدى الشركات عائلية المملوكة للقطاع الخاص منذ انشائها. وهو معروف في جميع أنحاء العالم لتصنيع ادق المنتجات من الكريستال . وقد أنشأت الشركة مصنع قطع الكريستال في تيرول، للإفادة من الطاقة الكهرومائية المحلية من أجل عمليات طحن الطاقة المركزة التي سجل دانيال سواروفسكي براءة اختراعها. وتضم المجموعة  نحت الكريستال والقطع الدقيقة جدا، والمجوهرات والأزياء الراقية، وديكور المنزل والثريات ، جميعها يوضع عليها الشعار الأصلي لسواروفسكي هو زهرة إديلويس، والذي استبدلت بشعار (S.A.L)وأخيرا استبدل بالشعار الحالي لصورة البجعة في عام 1988

 

  المشاهدة السادسة

 وفي مقاطعة تيرول بالنمسا ، قمنا بزيارة المركز الإسلامي الذي يقوم عليه بعض الوافدين العرب من المسلمين ، وأدينا صلاتي المغرب والعشاء في أجواء إيمانية ودية ماتعة ، وقد رحب بنا المسؤلون كل ترحيب وجالوا بنا في جنبات المركز لنتعرف على تاريخه ونستشرف معهم مستقبله ، لاسيما وأن دولة النمسا من الدول القليلة جداً  في أوربا التي تعترف بالإسلام ديانةًً ثانيةًً .

 

المشاهدة السابعة

 وكنا على موعد مع المشاهدة السابعة حيث بحيرة زيل وهي بحيرة رائعة توجد في مدينة زى لام سي بالقرب من منتزه اليزابيث وتوجد بها العديد من القوارب التي تمكنك من اكتشاف العديد من العجائب ، البحيرة بها العديد من المشاهد المذهلة، وتوفر إمكانية القيام بالسباحة أو القيام برحلة تقطعها عبر القوارب أو العبارات  .قمنا باستئجار عدد من الزوارق التي تحمل أربعة أشخاص وطاف الزملاء حول المكان عبر البحيرة في نصف ساعة تحدثوا عنها طويلا بإعجاب شديد ” حيث تخلفت عن هذا الركب أيضا مفضلا توثيق إبحارهم من على شاطئ البحيرة والإنصات إلى حديث ماتع مع الزميل الدمرداش الذي أهاب ركوب البحيرة .

 

 المشاهدة الثامنة 

 أما المشاهدة الثامنة فكانت في مدينة ميونخ حيث عدنا إليها عقب انتهاء إقامتنا في كابرون النمساوية وما أيسر أن تتخطى حدود دول الشنغن من دون عناء ، ومن غير أن تعطل سيرك إجراءات أمنية معقدة ، ولا تجد إلا معاملة راقية تحترم عقلك ووقتك وأدميتك ، ولا تحول بينك وبين سعادتك ، فلم نقابل في طريقنا من النمسا إلى ألمانيا ما يعكر صفو رحلتنا . وصلنا فندق الإقامة في ميونخ وضعنا حقائبنا وذهبنا إلى مطعم ايطالي شهير في وسط ميونخ ثم قمنا بجولة للتسوق .

 ميونخ مدينة ثقافيهٍ عالية الطراز، وتبقى هي الاختيار الأمثل لكل من أراد وجهة سياحية فهي بمثابة الراعي الرسمي للثقافة بجميع شعبها في العالم ، وهي ذات طابع  أسطوري ساحر يتميز بالقلاع الصغيرةٍ ، والحدائق الغناء التي تخطف الأبصار من امتدادها الشاسع المترامي الأطراف .

 وشاهدنا من على بعد أمتار كنيسة القديس بطرس وهي الكنيسةٍ الأكثر ارتفاعا في ميونخ ، فيمكنك أن تعتلي أبراجها وترى قبب جبال الألب، وهي ذات طراز معماري ورومانسي مميز محاطة بالأسواق العالمية الشهيرة .

   ومررنا بعدد من المتاحف الفريدة التي تحمل في طياتها الكثير من التاريخ الألماني في كثير من العصور مجسداً ثورة التكنولوجيا الألمانية.

 استمتعنا  حقا في مدينة ميونخ  الأكثر اهتماما بكل نواحي الثقافة والتقدم الصناعي والعراقة في العالم ، فتاريخ الصناعات ستجد له المتاحف العظيمةٍ التي تثري عالمك، وتاريخ الفنون ستتمتع به في متاحف زاخرةٍ بكل أنواع الفنون التي اشتهرت بها المانيا، لذلك فهي المدينةٍ التي تثري عالمك بالكثير من المعلومات الرائعة.

 

ولم يفوتنا ونحن في ميونخ أن نستمتع بزيارة مصنع سيارات – BMW ومتحفها وأيضا ستاد البايرن ميونخ العريق الذي طالما شهد بطولات وصولات وجولات للماكينات الألمانية المتميزة في عالم الساحرة المستديرة ،  في جولة اصطحبنا فيها القائد ماجد الشعيب والزملاء كارم شريف والدمرداش وشعيب  ، لتكون تلك الأماكن شاهدة على عظمة هذا البلاد واستحقاقها أن تكون دولا صناعية وسياحية عظمى .

 

 وفي النهاية وجدت  الإجابة الشافية

 تتبع ألمانيا نظام حكم جمهوري برلماني يرأس الحكومة فيه المستشار الذي يدير العمليات اليومية الحكومية والسياسية. و يتمتع رئيس ألمانيا بدور أكثر من كونه منصباً تشريفياً.

 

السياسيون الذين تولوا منصب الرئاسة في ألمانيا منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية عام 1949 وحتى الآن بدءاً من هويس عام 1949  مروراً بـ ” لوبكة ” و ” غوستاف ” عام 69 و وصولاً إلى ” غاوك ” الرئيس الحالي  أحد عشر رئيساً في  68 عاما  .  أما دولة النمسا  فمنذ عام 1945 الجمهورية النمساوية الثانية ” أي في 72 عاما ”  تناوب على رئاستها 8 رؤساء بدءا من كارل لينر وانتهاء بالرئيس الحالي ”  ألكسندر فان دير ” .

 

وفي حال عقد موازنة بسيطة  بين الدولتين الأوربيتين النمسا وألمانيا فقط وبين  22 دولة عربية من حيث عدد الرؤساء نجد مفارقات عجيبة تقودنا إلى إجابة شافية عن معظم أسئلتنا الحائرة ، الدولتان الأوربيتان حكمهما 19 رئيساً في  70 عاما على وجه التقريب ، بينما تناوب العدد نفسه  – 19 رئيساً – على حكم ثمانية من أكبر الدول العربية في المدة  الزمنية نفسها  .

 

إن تداول السلطة المنتخبة من الشعب انتخابا ديمقراطيا حراً يمنح الحياة السياسية والاجتماعية الاستقرار الكافي لنماء اقتصادي وتنمية ومن ثم سبل عيش هادئة مطمئنة تريح الناس وتشعرهم بالسعادة ، وهذا هو سر تقدم تلك الأمم ونهضتها وأحد أهم أسرار تراجع العرب .

 

ما تعكسه تلك المشاهد الثمانية  التي ذكرتها سابقا يحمل عنواناً وحيداً كبيراً مفاده أن هذه دول احترمت أنظمتها الحاكمة حقوق الإنسان فما كان من الأخير إلا السير في ركابها واحترام اللوائح والقوانين المنظمة للحياة ، فاكتملت المنظومة المحترمة بين حكام ومحكومين وتوافرت كل سبل العيش السعيد ومن ثم تحققت النهضة والرخاء .

 

لقد تذيل العرب ترتيب دول العالم في التعليم والصحة والبحث العلمي ، فماذا تبقى لنا ، وأين حمرة الخجل ؟ فضمن الأكثر دول فساداً بالعالم تتواجد 6 دول عربية  ، وفي مؤشرات السعادة تأتي النرويج والدانمارك وايسلندا وسويسرا وفنلندا وهولندا في مقدمة شعوب الدنيا الأكثر سعادة ، في حين نجد الدول العربية في المؤخرة كالعادة فهناك 5 دول عربية ضمن أتعس 20 دولة في العالم . وقد اعتمدت هذه الدراسة الأممية على عوامل رئيسية عديدة مثل الحرية والصحة والرخاء والسخاء  وتوفرالتعليم والتكافل الاجتماعي .

 

اللهم نسألك وطناً عربياً حراً ناهضاً متقدماً أسوة بدول أوروبية استمدت حضارتها من قيم إسلامنا الحنيف ومبادئه الذي كان تمسك المسلمين الأوائل به معول تقدمهم وسيادتهم لكل الأمم  لقرون  طويلة علموا فيها العالم  ، وتعاليم وخلق خاتم الأنبياء نبي الرحمة محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي حثنا على الايجابية والتفاؤل والصدق والأمانة والإخلاص في العمل واحترام الوقت وتوقير الكبير واحتضان موهبة الصغير ، وهي الصفات التي تحلى بها الأوربيون فكانت أحد أسرار تقدم مجتمعاتهم .

 

الكاتب الصحافي محمد عبد العزيز

 

شكر خاص للمدقق اللغوي د وسن الصالح من العراق الشقيق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى