آراءدولي

العازمي: “غرفة النوم” التي خربت اليمن!

يوسف عوض العازمي
يوسف عوض العازمي

يوسف غوض العازمي:

ما حدث في صنعاء ألقى بظلاله على الوضع في المنطقة ككل، وخلط أوراقا عديدة، وشتّتت الانتباه عن أمور لم تكن في بال المتابعين للأوضاع في اليمن، وبطريقة سينمائية بارعة، وبمخرج متمكن أجاد تحريك أدواته في الزمان والمكان المحددين، تكرر نموذج سيطرة “داعش” على الموصل، وما بعدها في صنعاء! تماماً نفس السيناريو، تتساقط المؤسسات والمقار الحكومية في أيدي الحوثيين وبلا مواجهات أو حتى مقاومة!

وبما أننا في زمن “فزاعة” الإخوان المسلمين فقد تعذر بهم من أيّد ما جرى في اليمن، وأن معقلا آخر للإخوان قد سقط!! (هكذا فسر بعض من أيد هزيمة الدولة اليمنية!!) أما علي عبدالله صالح الرئيس السابق فقد كانت بصماته واضحة فيما حدث، وغرفة نوم علي محسن الأحمر كانت الهمّ الثقيل الجاثم على صدر الرئيس السابق!!

والسبب أنه أثناء الثورة سنة 2011 توعد الأحمر الرئيس صالح بأنه سيخرجه حافياً من اليمن، وبأنه سيدخل غرفة نومه! لذلك كانت غرفة نوم علي الأحمر الشغل الشاغل للرئيس صالح! وهذه تبين أن نزعة الانتقام من الأحمر، كانت محركا رئيسيا لتحالف الرئيس صالح مع الحوثيين، وهكذا “الرجال اللي تقاضى من الرجال”! ولا تدقق كثيرا في الرابط المذهبي (الزيدي) الذي يربط علي صالح بالحوثيين!

فالرئيس السابق لم يعر حكاية المذهب أو الطائفة طوال فترة حكمه الطويلة انتباها، فهو كان في وقت صديق الكل، وفي آخر عدو الكل، وكان “له في كل عرس قرص”! وكان يسير على حبال مشدودة، مرة مع هذا، وأخرى مع ذاك، وتحالف ينتهي، وآخر يبدأ، وبذكائه استطاع الخروج من الحكم بأفضل مكاسب ممكنة، وبعدها كانت بلاد العم سام هي ملاذه وسكنه راحلاً غير مأسوف عليه.

نرجع للحوثيين وسيطرتهم على صنعاء، فنستنتج أن ما حدث كان آخر نقطة على السطر، فبعد انتصارات في دماج، وعمران، وغيرهما اتجهوا إلى صنعاء، وبطريقة ذكية عملوا اعتصامات وتجمهرات في الشوارع، بقصد الاحتجاج على بعض الإجراءات الحكومية، مثل رفع أسعار المشتقات البترولية، مثل البنزين. (كانت تلك التحركات لكسب وقت كاف لتعزيز الصفوف، وانتظار نتائج مفاوضات متوقعة بين القيادة الحوثية، وقيادات النظام لتسلم العاصمة بدون مواجهات).

وفي الوقت نفسه، وبطريقة أو أخرى، جاءت الأوامر الحوثية لقواتها بالاستيلاء على مفاصل الدولة ومقارها المختلفة، وبدون مواجهات، وبطريقة سلّم واستلم، ويعزز ذلك أوامر وزير الداخلية لقوات الشرطة والأمن الداخلي للتعاون مع الحوثيين!

أي أن الأمر معد مسبقاً وببنود وحذافير معينة، يمكن أن تكون بابتزاز معين لقيادات في السلطة، أو بشراء ذمم بأموال ضخمة، أو قوة الأمر الواقع التي أسقطت سلطة مهلهلة ونظام حكم مفككاً، كان كنمر من ورق!

المفارقه أن الحوثيين لا يُعتبرون بتلك القوة الكبيرة، لكنهم استمدوها من موارد عديدة، أهمها ضعف السلطة، وتهاون القيادة السياسية في السيطرة على زمام الأمور، واكتفاؤها بدور “الأطرش في الزفة”؛ مما أدى إلى طمع المتطلعين للإطاحة بها واستلام زمام الأمور، وهو ما حدث بتعاون دولي (انحياز المبعوث الدولي جمال بن عمر للحوثيين، ولا تغرك تصريحاته في شاشة الجزيرة) وداخلي (عبر جماعة الرئيس السابق)، ولا ننسى بالطبع الداعم الإيراني.

الآن نحن أمام قوة جديدة في اليمن وأمر واقع يفرض بالقوة، ومعادلات إقليمية جديدة، بدخول اليمن ضمن المحور الإيراني، ودول مجلس التعاون لم تتخلص من خلافاتها البينية، وإيران تحرث شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وقد تتكرر قصة “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى