آراءخبر عاجلدوليصورة و خبر

جيهان شفيق تكتب : السعادة بين الفضيلة واللذة والتأمل

 

د . جيهان شفيق

IMG-20141021-WA0007
د جيهان شفيق

 جديرة هى الحياة بأن تعاش ما دمنا أحياء . فمن نام لم تنتظره الحياة ، ولكي نحيا سعداء ،  لابد لنا من الشقاء فمتاعب الحياة قد صنعها الإنسان لنفسه أو لغيره. وما السعادة إلا طاقة وقوة فكرية تنبع من داخل أنفسنا فتدفعنا وقت الأزمات لنسيطر على كل ما هو مؤلم ، فنقضى على المتاعب والمفاجأت السيئة التى هى خارج حدود توقعاتنا مثل: موت عزيز، التعرض لحادث أليم، الإصابة بمرض عضال. فإذا ما نجحنا فى تخطى الصعاب و تجاوز المحن  حققنا لأنفسنا سعادة النصر والاستقرار.

 

واهتمام الإنسان بتحقيق السعادة ليس بالعهد الجديد ، ففى الحضارة الفرعونية نادى الحكيم “أمينوبى” بالسرور  ،و انشغل تفكير الفلاسفة قديما وحديثا بالسعادة  ، ورغم الاختلاف فى تحديد مصدرها هل هى الفضيلة أم اللذة أم التأمل؟ الا أن جميع الفلاسفة اتفقوا على أن السعادة هى غاية قصوى يبحث عنها الإنسان ويتمنى بلوغها، وإن اختلف كل منا فى طرق تحصيلها.

 أما علماء النفس فلم يشغلهم البحث الموضوعى عن السعادة  والسبب هو تركيز جهودهم  حول موضوع واحد هو المرض النفسى والعقلى والانحرافات السلوكية، لذا اتجهت الدراسات الحديثة إلى تنمية السمات والانفعالات الإيجابية لدى الإفراد والمؤسسات والمجتمعات، سعيا لتحقيق السعادة . هذا الاتجاه الحديث يندرج تحت مسمى  “علم النفس الإيجابى” وهو علم يسعى إلى خلق توازن علمى بين ما قدمه علم النفس المرضى سابقاًوما ينبغى أن يستكمله حالياً. وعلم النفس الإيجابى يعتبر فى الأساس دراسة علمية لما يجعل الناس سعداء، حتى أصبح الأن هناك علم السعادة.

فمن منا لا ينشد السعادة فى حياة أسرية مستقرة، ودخل ثابت يكفى احتياجاته ويشبع متطلباته الأساسية، ومن منا لم ير عظمة الكون فأيقن أن هناك خالق عظيم فابتسم  وسعد وإن أخفق فى واجباته الدينية. لذا فإننا نناشد السعادة الواقعية التى تنبع من الذات والرغبات المتزنة، وقانونها الرضا بالقضاء مع طرح البلاء، وأدواتها مجموعة من السمات الإيجابية الفطرية والمكتسبة مثل الحب والامتنان والأمل والتفاؤل والرضا مع تقوى الله .وسعينا هذا لا يعنى الادعاء بدوام السعادة ،فدوام الحال من المحال.

مفهوم السعادة

السعادة مفهوم ينطبق عليه مبدأ استحالة تأكيد الشىء ونقيضه فى وقت واحد. فنحن لا يمكن أن نقول إن طعم الفاكهة حلو ومر. أو إن هذا الشخص سعيد وشقى فى آن واحد. لكننا نستطيع تعلم النسيان والتغاضى عن الهفوات. وأن ندرب أنفسنا على استرجاع الخبرات الإيجابية وامتلاك المفاتيح التى تمكننا من الوصول إلى أهدافنا. وقد يضرب الناس إلى السعادة أكباد الإبل طلبا لها، فمنهم من يهتدى سبيله، ومنهم من يقضى حياته بكاء على اللبن المسكوب. ومهما يكن من الأمر، فإن حقيقتى الألم والموت خالدتان خلود الحياه.. وحق القول : فليس للمرء بد من أن يفسح فى صدره نهرا من الحب، ومرفأ للأمل وليتغنى فى الحياة بأنشودة اللحن العذب.

السعداء يصنعون لأنفسهم التميز فى حياتهم. لأن لديهم قوة داخلية تشبع فى أنفسهم الراحة والطمأنينة وتنقى وجدانهم من الشوائب المدمرة، فيضحون لديهم كفاءة أفضل من غيرهم فى التصدى للمواقف المزعجة والطارئة، وقدرة على التكيف مع كافة المثيرات والمتغيرات وطاقة لتحمل الألم والصبر والمثابرة. لقد حان الوقت أن نغير من أنفسنا، ونكون أكثر مرونة خاصة مع تطورات العصر، وأن يكثف علماء النفس جهودهم نحو الإيجابيات فالوقاية الإيجابية خير من العلاج.

وأرى السعادة فى معان كثيرة منها ، اسعاد الآخرين ، الرضا والقناعة ، النجاح فى الحياة، التوازن النفسى .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى