Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
آراءدولي

جوهر: داعش والغبراء!

د. حسن عبد الله جوهر
د. حسن عبد الله جوهر

حسن عبدالله جوهر:

عندما توقع الرئيس الأميركي أن الحرب على الجماعات المسلحة وفي مقدمتها “داعش” قد تستغرق ثلاث سنوات كان ذلك بمثابة مفاجأة أو غطاء لاستنزاف أموال دول الخليج، ولكن جاء رئيس الوزراء البريطاني ليرفع مدة هذه الحرب إلى عشر سنوات، وعندها زاد الذهول وكثرت التساؤلات حول خطط الدول الغربية في المنطقة على المدى البعيد، ولكن الأكثر غرابة هو تحليل وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا الذي حدّد مدة الحرب بضرب رقم أوباما برقم كاميرون ليكون الناتج ثلاثين سنة!

هذه الفوارق الكبيرة في تحليلات الأجهزة الاستخباراتية في جبهة التحالف الدولي ضد “داعش” إما أنها مريبة ومتخبطة أو أن ملفات “داعش” وبقية إخوته لم تفتح بعد على مصراعيها، أو أن التنظيمات الدينية هذه أكثر مما نتصور، وباتت مرتبطة بشكل عميق بمصالح إقليمية ودولية لحكومات متعددة ومتنوعة الأهداف ومتناقضة في الأولويات والسياسات.

جاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري باتهام دول خليجية وتركيا لتكشف الغطاء ولو جزئياً عن أحد أوجه هذا النشاط السياسي العسكري ليعيده سريعاً عبر اعتذاره بعد ساعات قليلة، الأمر الذي يبين خطورة الوضع وتعقيده، وأحد مصاديق هذه الخطورة انتشار “داعش” السريع ومكاسبه المفاجئة على الأرض في كل من سورية والعراق، رغم دخول عدد كبير من الجيوش العربية والأجنبية في الغارات الجوية، فسقوط الأنبار في العراق وسقوط مدينة عين العرب في سورية ليس له تفسير سياسي أو استراتيجي سوى أن “داعش” كان غولاً ممتداً على طول الدول العربية وبعض الدول الإسلامية مثل أفغانستان وتركيا والقرن الإفريقي، وساهمت الأفكار الدينية من جهة وحالة الفقر والبطش في العديد من هذه الدول من جهة أخرى في كسبه حواضن رئيسية في القرى والأرياف، وتعاطف واسع من المسلمين السنّة تحديداً بسبب طبيعة المؤسسات الدينية وقربها المباشر واللصيق بالشعوب، ولذلك تسقط الكثير من المدن بسهولة بل وسط ترحيب وتهليل وتعاون مطلق مع هذه الجماعات.

المفاجأة الكبيرة التي قد تخبئها الأيام القادمة هي البيعة التي بدأ الترويج لها من الجماعات الدينية الصغيرة ووجهاء العشائر من باكستان شرقاً حتى ليبيا غرباً مروراً بالقرن الإفريقي، والبيعة لها تبعات مهمة ليس في البعد العقائدي الذي يعكس الولاء والانصياع، بل أيضاً في بعده السياسي، ويمثل ذلك مؤسسات القرار والمجتمع المدني، وهذا يعني عرقلة الجهود التي قد تبذلها الحكومات المحلية وسهولة اتهامها بالخيانة ومعاونة القوات الكافرة التي تغزو بلاد المسلمين.

أمام هذه التعقيدات الكثيرة وغياب استراتيحية واضحة لدى الدول التي اتفقت على مواجهة “داعش” وحدها بالتأكيد قد تستغرق الحرب سنوات طويلة، وليس بمقدور هذه الدول ومنها العربية المتحمسة حالياً للمشاركة في بضع عمليات قصف بالطيران.

أن تحافظ على النفس الطويل، وتجربة أميركا وحلفائها دائماً تثبت أن الضربات السريعة والحروب القصيرة التي دخلت فيها مع الجماعات الدينية زادت الأخيرة قوة وانتشاراً وتمدداً، وأمثلة ذلك ضرب أفغانستان والعراق وليبيا والصومال وسورية، فهذه هي البؤر التي شهدت ولادة “داعش” بثوبه الجديد، ولعل هذه المعطيات هي التي قادت تحليلات الغربيين إلى أن الحرب الحالية قد تكون شبيهة بحرب داحس والغبراء ليس بطول أمدها فحسب بل لأسباب اندلاعها التي تبين أنها لا شيء!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى