

بقلم د . أميمة كامل
أستاذ علم النفس جامعة القاهرة
قضية الإعلام من أهم القضايا التي باتت تؤرق كثير من المفكرين والاختصاصيين في السنوات الأخيرة ، لما لهذا السلاح الخطير من قدرة فائقة على تغيير سلوكيات وفكر الإنسان سواء سلبا أو إيجابا . وأرى ضرورة إجراء عاجلة وآنية لما طرأ على معظم وسائل الإعلام من سلبيات آثرت على وعي الناس مؤخرا .
ويجب أن تتخذ الدول عبر مؤسساتها المختلفة في هذا الصدد قرارات تنفيذية بأسلوب جراحي لأن جسد الإعلام لا يتحمل بعد أن خرج كثير منه عن وظيفته الأساسية نحو تنمية المجتمعات وغرس الأخلاقيات السامية وقيم احترام العمل.
كما أرى انه من الضروري إعمال الصحفي والمذيع وكل من يعمل في مجال الإعلام لضميره المهني ، مع عدم ترك هذه المهنة الخطيرة لأهواء المذيعين ولنرجسيتهم ولمصالحهم بالإضافة إلي رغبتهم في الظهور الإعلامي ، مع عدم تحكم الماديات في الروحانيات ، بمعنى ابتعاد الإعلانات التجارية عن السياسة التحريرية للمؤسسة الإعلامية حتى تستطيع أن تعلم قيمة نقل الحقيقة للناس مجردة من أية ايدولوجيات او مصالح .
لا يوجد في العالم مهنة من دون ضوابط ولا عقاب عند الخطأ إلا في مجتمعاتنا التي سعى كثيرون فيها إلى العيش في فوضى وسيطرة من أهواء النفس بلا حدود، مجتمعات لا تقرأ ولا تعي معنى التفكير الناقد
إن سياسة منع تدفق المعلومات والحجب لأسباب مختلفة من بعض الدول تجاه شعوبها تضطر الناس إلى متابعة الإعلام الخارجي الذي قد يبث سموما تؤلب الشعب على حكامه ، لذا من الضروري أن تعمل الدول على سريان وانسيابية كل المعلومات ولا تخفي عن الشعوب شيئا عدا ما يتعلق بأسرار عسكرية . فنحن أصبحنا نعيش عالما مفتوحا في ظل الثورة المعلوماتية وفوران وسائل التواصل الاجتماعي التي أزالت الفروق الحدودية بشكل مفزع ، كل المعلومات أصبحت في لمح البصر عند كل الناس السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية ، فلا مجال لإخفاء الحقائق عن الناس .
كما لا يمكن تحجيم ولا فرض رؤية إعلام معين ، فالمنع ليس الحل . ولكن ” وضع سياسة علي جميع النواحي. التعليم والإعلام ، و المسجد والأسرة ،….،…. في رؤية شاملة لتربية النشء بما يتناسب كل مع البيئة الحاضنة له ، وكيفية التعامل بإيجابية من خلال تنمية العقل العربي .
وفى مضي الإعلام نحو أداء دوره المنوط به يأتي التعليم في معظم البلاد العربية ليكون العامل السلبي أيضا فهو ينمي النصف الأيسر من المخ ، أما النصف الأيمن خامل القدرات العقلية لا تظهر إلا بالتعليم الحقيقي الذي يظهر ناتجة علي الإنسان نفسه . ليس في المدرسة فحسب بل في جوانب الحياة ، فمن دون تعليم صحيح وإعلام ذو ضمير حي لن تتقدم الشعوب العربية وستظل على واقع مترد أحزن لأجله كثيرا ، والخسارة بالنسبة لي تكمن في عدم القدرة على فعل ما أريد ، لكني أحيا بالأمل في غد مشرق يرتبط بالنفس ، مدركة أنه لا يأس من رحمة الله رغم أن الإنسان يقيس بمعايره المادية ذات المنطق والحدود فيتعرض لبعض اليأس ، لكنه إذا خرج إلى حدود الله فلن يكون أمامه سوى ” كن فيكون .