أعمال العشر الأواخر من رمضان

ليالي العشر الاواخر من رمضان شرُفت ذكرًا وحساً ومعنى، فيها ليلة خير من ألف شهر، تأتي لتحفزنا إلى حسن العمل، ومضاعفة الجد، والمسارعة بلا توانٍ , أما وقد غلب علينا التكاسل، وتقهقر الهمة، بعد تصرم اكثر رمضان، فالواجب الوعي، وحسن الادكار، وتأمل العاقبة, وان الغفلة الدائمة، نذارة شؤم، ومقدمة ضياع.
لذلك اذا طلت العشر الفضليات، وبلغك الله طيبها، وشممت عبقها، فلا تنصرف عنها، فيصرف نشاطك، وتبدد همتك، وتخسر دنيا وأخرى.
يروى انه هلكت جارية في طاعون فرآها أبوها في المنام .. فقال لها: يابنيه أخبريني عن الآخرة فقالت: قدمنا على أمر عظيم ، وقد كنا نعلم ولا نعمل، والله لتسبيحة واحده أو ركعة واحده في صحيفة عملي، أحب إلي من الدنيا وما فيها.
و لهذا نحب التنبيه هنا على ابرز أعمال العشر، وما ينبغي فيها من اهتمام وتقدير ومسارعة , فمنها :
1/ الجد المضاعف: والذي هو ضد الكسل، وأخذ الأمور بحزم وقوة(( خذوا ما اتيناكم بقوة )) .فلا مكان للتغافل، وتمزيق الوقت، والانشغال بما لا جدوى، وهذا الذي أوضحته عائشة رضي الله عنها في الحديث المشهور(( اذا دخل العشر، جد وشد المئزر، واحيا ليله، وأيقظ أهله ))ولذلك يتنوع هذا الجد ذكرا وصلاة وصدقة ومعروفا.
2/ إحياء الليل: ليس بالسهر اللاهي، ولا الحديث البالي، أو اللعب السالي، ولكنه إحياء بالعبادة والصلاة وطول القيام وقراءة القران (( يصلي أربعا فلا تسال عن حسنهن وطولهن )) كما تقول عائشة رضي الله عنها في حديث آخر
ولا يعرف سهره صلى الله عليه وسلم، إلا في هذه الليالي، وليله غزوة بدر، كان منقطعا للدعاء , على انه قد قيل إن إحياء الليل كان لغالبه، وقد يتخلله نوم يسير وسحور.
3/ إيقاظ الأهل : وهذه رسالة تربوية، إصلاحية، توكد عظم دور الأب والراعي في نصح أهله، وتربيتهم على الخير، وانه مسئول عن ذلك، وانه ما ينبغي الاستئثار بالخير، بل يشرك أهله وبنيه في ذلك الفضل الكبير،،،!! قال علي بن أبي طالب – رضيَ الله عنه : “كان رسول الله – صَلَّى الله عليه وسَلَّم – يوقظ أهله في العَشْر الأواخر من شهر رمضان، وكل صغير وكبير يطيق الصلاة”
4/ الاعتكاف الدافئ: والذي يورثك اليقين، وتزكو به النفس، وتتهذب الأخلاق، وهو جزء من الجد المضاعف، والاهتمام بالعشر الأواخر الفاضلات , وقد كان يعتكف صلى الله عليه وسلم كل سنة واعتكف أزواجه من بعده , قال الإمام الزهري رحمة الله عليه:( عجباً للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل ).
وثمرة ذلك كله، تحري ليلة القدر، التي قال فيها عليه الصلاة والسلام(( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر )) (( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) ولذلك وجب الاجتهاد، وتعينت المسارعة (( انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا))
ثواب هذه الليلة مخصوص بهذه الأمة لما تقاصرت أعمارها، فهي هبة إلهية، ومنحة ربانية، لا يضيعها إلا ضائع محروم.