شوارح حماك:
أعظم اكتشاف يكتشفه الإنسان أن أولاده ضيوف في بيته وأنهم راحلون يوماً بل إن الأيام تمضي بسرعة مذهلة وسوف يرحلون قريباً, فتوقفت مع نفسي وقفة أدركت ساعتها أن الأهم من ترتيب البيت وبنيانه أن يذكره أبنائه بخير, و أن يربي فيهم الأخلاق الحسنة والنفس المتزنة , تلك الوقفة مع نفسي جعلتني أغير أولوياتي، فأصبح أهم شيء لدي الراحة النفسية والهدوء لي ولهم.
وبالفعل اخترت مجموعة من القوانين القليلة الصارمة وألزمت نفسي بتنفيذها وتركت بقية الأشياء بلا قيود أو شروط، وخففت من العصبية والصراخ , ومع التفاهم استرخيت أنا وتخليت عن وسوستي ورضيت ببيت فيه بعض التجاوزات ولكني كسبت أولادا هانئين لا يشكون مني ومن ثورات غضبي وأصبحت العلاقة بيني وبينهم قوية جداً وجميلة.
إنك بذلك تكسب نفسك وترحمها وتكسب أولادك، وتؤدي رسالتك الأصلية في هذه الحياة، ويكون لك ولد صالح يدعو لك ويقدم لك البر والمرحمة , عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان؛ بنوا سور الصين العظيم , واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات , وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية في حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه ,بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب.
الصينيون انشغلوا ببناء السور ونسوا بناء الحارس, فبناء الإنسان يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه أبناؤنا اليوم , أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمه فهناك وسائل ثلاث هي , هدم الأسرة , هدم التعليم , سقوط القدوات والمرجعيات , لكي تهدم اﻷسرة عليك بتغييب دور اﻷم اجعلها تخجل من وصفها “ربة بيت” , لكي تهدم التعليم عليك بالمعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه , لكي تسقط القدوات عليك بالعلماء اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد , فإذا اختفت اﻷم الواعية , واختفى المعلم المخلص وسقطت القدوة والمرجعية , فمن يربي النشء على القيم؟
