تعلمت من الكيمياء

تعلمت في الكيمياء أنه يمكن أن نصنع مركباً كيميائياً مستهدفاً، من مركب آخر متوفر، بأكثر من طريقة.
وأن هناك صفات لكل طريقة، هي عوامل سلبية أو إيجابية في تقييمها، منها:
- طول أو مدة العملية بجميع مراحلها التي تستغرق في تحقيق الهدف.
- كلفة العمل ككل.
- مردود الطريقة، أي النسبة المئوية من تحول المركب المتوفر إلى المركب المستهدف.
- خطورة المواد والتجهيزات المستخدمة في إنجاز التحول المطلوب، وتوفر وسائل الوقاية من أخطار العمل.
- توفر الخبرة أو اليد الماهرة في تنفيذ العمل، وبتعبير آخر سهولة التنفيذ.
- نقاء المركب المستهدف في الطريقة المختارة.
أن الحكمة المطلقة هي أن أستخدم الطريقة الأقصر زمناً، والأقل كلفة، والأعلى مردوداً، والأقل مخاطر، والأسهل تنفيذاً، التي تعطي المركب الأكثر نقاوة. وبما أن تحقق كل العوامل معاً شبه مستحيل، فإن الحكمة لا تعود مطلقة وتصبح اختيار أنسب الطرق بينها.
ليس هناك من اختلاف بين الكيميائيين في كل هذا، إلا في العبارة الأخيرة، وهي تحديد أنسب الطرق. فقد يهتم أحدهم بعامل الزمن أكثر من غيره، وقد يهتم آخر بعامل الكلفة أكثر من غيرها، وقد يهتم ثالث بمردود عمله بغض النظر عن بقية العوامل، وقد يهتم رابع بأمان العمل أكثر من غيره، وقد يريد خامس استخدام الطريقة الأسهل التي لا تتطلب الكثير من الخبرة والتدريب، وقد يطغى عامل النقاوة على غيره عند سادس، وهكذا.
نرى إذن أكثر من حكمة في اختيار الطريقة المناسبة، ترتبط غالباً بالمصلحة الخاصة من اختيارها. فهل حكمة شخص اختار طريقة ما هي الأفضل، وحكمة الآخرين الذين اختاروا طرقاً أخرى ليست جيدة؟
لا بالطبع، وألف لا، طالما أن هناك إجماعاً على تحقيق الوصول إلى المركب المستهدف دون غيره، وعلى الوعي بأهمية كل العوامل بصورة عامة.
سأخرج الآن من الكيمياء إلى عالم الواقع فأقول: علينا أن نعرف أن اختيار أحدنا سبيلاً شريفاً لتحقيق واحد من آمالنا، يتدخل فيه عوامل مختلفة، لا يعني أن السبل الشريفة الأخرى لتحقيقه هو ذاته ليست جيدة وأن أصحابها ليسوا جيدين.
وبعبارة أخرى. علينا أن نفهم ونعي ثقافة قبول الاختلاف في النظر إلى المسائل بمختلف أشكالها، إن لم تخرج عن قيم الأخلاق طبعاً.
وآمل أن أكون قد تعلمت من الكيمياء فهم الحياة المثلى حقاً