
بعد أن انصرف رواد الديوانية جلست في زاوية منها مع مجموعة من أصدقائي المقربين وأخذنا نتحدث عن الزمن الجميل، عندما كانت السياسة وطنية، والفن إبداعاً، والرياضة تضحية، وتساءلنا عن الأسباب التي أدت بنا إلى الوصول لهذا المستوى المتردي في تلك المجالات وغيرها من مجالات الحياة الأخرى، في بلد كان قدوة لدول الجوار.هل هو المنهج المدرسي الضحل فكرياً ووطنياً؟ أم المعلم قليل العطاء رغم ما يأخذه من مزايا ومكآفات؟ أم هو غياب الإعلام الوطني الذي كان يفترض به أن يخلق رأياً عاماً موحداً للقضايا المهمة في البلد، وأهمها الوحدة الوطنية، وترك الساحة لإعلام خاص لا يهمه إلا مصلحة فئته أو ملاكه؟
أم أننا أصبحنا شعباً كسولاً استسهل ما يدور حوله وأخذ يردد مقولة: «الله لا يغير علينا»، ونحن تغيرنا كثيراً عما كنا وكان آباؤنا، وأصبحنا سلبيين لدرجة أن نتيجة مباراة في الدوري الكويتي لكرة القدم بين ناديي القادسية والسالمية غطت إعلامياً على خبر صدور حكم على النائب المخضرم السابق مسلم البراك بالحبس مع النفاذ.
نعم نختلف مع مسلم ولا نرضى بما قال وما فعل، ولكن الحكم سابقة في حياتنا السياسية على مر الزمان، أن يصدر حكم بسجن نائب سابق بقضية سياسية وليست جريمة عادية، ويغطيها الإعلام الخارجي حسب رؤيته، وإعلامنا المحلي منشغل بتحليل أسباب إخفاق نادي القادسية، وتفوق نادي السالمية، عن شرح وتحليل مسوغات الحكم القضائي وصحته حتى يتقبله من تعاطف مع مسلم وشكّك بالحكم.
لقد اختلفنا كمجموعة متقاربة في تحديد أسباب ما وصلنا إليه من حال، ولكننا اتفقنا جميعاً أن الحل بيد الحكومة الكويتية، فهي إن تخلت عن سلبياتها وطبقت القانون على الجميع ونشرت العدالة والمساواة بين الناس، وأوقفت كل متجاوز على المال العام، دون تفرقة أو مماطلة، وأن نسمع لها صوتاً عالياً يأمر وينهى لا حساً خافتاً يعتذر ويتبرأ، عندئذ ستعود الكويت كما كانت درة الخليج .