آراءمحلي

العازمي :السماحة وعقدة «… بكيفي» !

د. تركي العازمي :د تركي العازمي

في المقال السابق تطرقنا إلى صناع القرار بين الإرادة الشعبية و«عقدة… بكيفي» ونعني بكيفي الانفرادية في الحكم على الأمور وعدم فسح المجال للين والرفق.
لذلك سنطرح عليكم أحبتنا الكرام مفهوم السماحة وعلاقتها بعقدة «… بكيفي» في هذا المقال بطريقة تصور الحالة من منظور القيم الإسلامية الطيبة السمحة.

السماحة هي بذل ما لا يجب تفضلا أي سهولة الجانب في الإعطاء وطيب النفس به.

قال تعالى «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين»… هذا ما امتن الله تعالى على نبيه.

وقد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بقوله «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه»… فأين نحن من هذا الخط السلوكي الذي يصلح لكل زمان ومكان؟

إذن وكما هو معلوم فإن التكاليف في الإسلام بقدر الاستطاعة٬ ودائرة المباح أوسع بكثير من دائرة الحرام٬ وقد جعل التكليف بحسب الوسع والطاقة وهو ما ذكره المولى عز شأنه في قوله «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها».

أحبتنا في العمل المؤسسي وبالذات في ما يتعلق بإدارة مؤسسات الدولة ذات العلاقة الوثيقة بالمواطن والمقيم على حد سيان تجدهم في الغالب متأثرين بعقدة «… بكيفي» فهم يطبقون القانون وفقا لهوى النفس والتعصب لرأي ذاتي أو رأي يخص الجماعة التي ينتمي لها وقد نهانا الله عن هذا السلوك.

من وجهة نظري الشخصية ووفق ما ذكرناه أعلاه٬ أعتقد بأننا أحوج للسماحة من أي وقت مضى… حتى الإسلام يهدم ما قبله فما بالنا بأخطاء بسيطة ولو تم تصويرها من قبل البعض على أنها من «المصائب»!

أظن والله العالم فإن مفهوم المصالحة من باب الأخذ بالسماحة مطلب حتمي فلو دعت الحكومة إلى انتفاضة فورية على كل أوجه الفساد من خلال حملة تنويرية للشعب الكويتي والمقيمين كذلك تبين فيها أوجه الفساد الإداري والسلوكي والمعنوي بطريقة محترفة مستغلين الإعلام بكل أشكاله كوسيلة للتعريف والوصول إلى كل فئات المجتمع لأصبح بالإمكان الخروج بخطاب يعلن من خلاله العمل بالـ«السماحة» لنطوي من خلالها صفحات شهدت شداً وجذباً بين الأطراف المختلفة حول منهج إدارة مؤسسات البلد!

القيادي عندما يعفوا عن «المخطئ» فهذا لا يعد إقلالاً من شأنه بل هو تواضع يرفع من شأنه وتلقائيا يجد الصدى الطيب!

لا يوجد مصطلح «… بكيفي» إلا في المجتمعات التي يعاني قياديوها من السلوك «الفوقي» بحيث يرون أنفسهم أنهم في عالم آخر خلافاً للواقع الذي يعيشه السواد الأعظم وهو نوع من «الغرور» المنهي عنه شرعا حسب ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية!

بداية الإصلاح تنطلق من القدرة على مواجهة الواقع والاعتراف بالخطأ والقصور ونحن في الكويت معالم الفساد واضحة لا تحتاج إلى اجتهاد وبحث لكن قياديا ما زلنا نختلف ونرمي كل من يهاجمنا بكل أنواع «السب والقذف» وتحديدا في مواقع التواصل الاجتماعي ولأن السماحة لم تجد من يتبناها وفق المنهجية المقترحة أعلاه فقد ظلت الحالة تدور في حلقة مغلقة!

مما تقدم٬ إنني أدعو الجميع من قياديين وتابعين إلى زيارة المستشفيات ليتوجهوا للباري جل وعلا بالحمد والشكر على النعمة التي يعيشون مظاهرها وأن يزوروا المقبرة ليعتبروا فالعمر يمضي سريعاً ومن هم تحت التراب سنلحقهم شئنا أم أبينا… إنها سنة الله في خلقه: فهل نتعقل ونتوكل على الله ونعود إلى القيم الإسلامية السليمة ونصحح الأخطاء فورا أم نبقى على طمام المرحوم؟… الله المستعان!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى