
عناصر القوة في أي أمة هي:قوة العقيدة، وقوة الوحدة، وقوة الساعد والسلاح.
فإذا قمت بتفريغ العقيدة، وتفتيت الوحدة، وشَل اليد ونزع السلاح ، فقد سيطرت على هذه الأمة بلا حرب ؛ أو باستعارة تعبير “كسينجر” تحقق نصراً بلا حرب.وتلك عناصر القوة الثلاثة في أمتنا تتعلق بثلاثة مفاهيم:( الإسلام – الخلافة – الجهاد ).فإذا أفرغت هذه المفاهيم من محتواها أو نجحت في تشويهها، فقد انتصرت على هذه الأمة بلا حرب.
وهذه بالضبط هي خطة السيطرة الناعمة على أمتنا :
١- فمفهوم الإسلام وفق الصورة الذهنية الراسخة باعتباره هو صانع هذه الأمة تاريخاً وثقافة وحضارة، وأنه هو مصدر أخلاقها وتشريعاتها وعاداتها وتقاليدها وقوتها وعزتها، ينبغي أن يتغير .
ينبغي أن يتحول مفهوم الإسلام وفق صورة ذهنية جديدة تجعله قريناً بالإرهاب، أو على أحسن تقدير على أنه علاقة بين العبد وربه مثل البوذية أو الهندوسية أو … المهم أن ينعزل عن حياة الناس، ويفقد دوره في التأثير والتوجيه.
وأي محاولة لتحويل الإسلام إلى عنصر فاعل في حركة الحياة يقابلها هجوم على عدة مستويات بدءاً من السخرية والاستهزاء والاتهام بالاتجار بالدين، مرورا بالسجن والاعتقال، وصولاً إلى الحرب والقتل والتصفية الجسدية، والنماذج لذلك صارت أشهر من أن يعاد ذكرها.
٢- أما مفهوم الخلافة الذي ارتبط في الصورة الذهنية عند المسلمين على مدى عقود على أنه نظام سياسي يحقق وحدة المسلمين ويحفظ قوتهم وهيبتهم .
وفي ظله احتفظت كل دولة بخصوصيتها فظلت مصر هي مصر، وكذلك الشام والعراق والهند وفارس ….ونالت تلك الأقطار درجات متفاوتة من الاستقلال تحت مظلة الخلافة، مع احتفاظ كل قطر بخصوصياته الثقافية وتعدده المذهبي والديني.
ودولة كمصر في ظل الخلافة العثمانية لم تتمتع فقط في القرن التاسع عشر بالحكم الذاتي، بل صارت دولة مركزية امتدت حدودها لتشمل السودان كله وامتدت إلى منابع النيل فيما يشمل حدود أوغندا حاليا وامتدت بطول ساحل البحر الأحمر من الجهة الغربية مشتملة على أجزاء كبيرة من الحدود الحالية لإريتريا وإثيوبيا والصومال .
ولم تتقزم مصر وينحسر دورها إلا مع الاحتلال الإنجليزي وما بعده.
ولم يتمزق العالم الإسلامي ويصير نهبا للاحتلال الأجنبي إلا مع ضعف الخلافة.
أما الصورة الذهنية الحالية لمفهوم الخلافة فهي لصيقة بالتخلف والجمود والاستبداد .
فبغداد ودمشق والقاهرة وقرطبة … التي كانت عواصم العلم والحكمة والحفظ لتراث البشرية شرقا وغربا في ظل الخلافة، حاول العلمانيون أدعياء التنوير أن يثبتوا أنها بلاد لم تعرف التحضر إلا على يد المحتل الإنجليزي والفرنسي الذي أنقذها من تخلف نظام الخلافة .!!!!
٣- أما الجهاد الذي كان سر قوة هذه الأمة ومنعتها وعزتها وذروة سنامها فقد صار اليوم من المفاهيم المحرم تداولها في أمتنا، تماما كما هو محرم عليها تصنيع السلاح سواءاً بسواء.!!!
فمن يتناول هذا المفهوم يضع نفسه في دائرة الإرهاب والإجرام وتتناوشه سهام العلمانيين والمنبطحين والمختبئين تحت الأسِرَة واللائذين بالصمت خوفاً من آذان الجدران.!!!
– كيف تبدلت هذه المفاهيم وتغيرت صورتها الذهنية في عقول كثير من المسلمين.؟؟؟
إنها خطة محكمة يُخطط لها أعداء الأمة في الخارج وينفذها عملاؤهم في الداخل، تقوم علي:
(التأكيد – التكرار – الانتشار).
التأكيد على الصورة الذهنية الجديدة بالحديث عنها وكأنها قضية مُسَلمة لاتحتاج إلى إثبات ، ثم تكرارها بتعدد الوسائط من تعليم وإعلام وأفلام ومسلسلات…، ثم تركها تنتشر تلقائياً في عقول خاملة غير مؤهلة للتفكير النقدي.
وبهذا تثبت الصورة الذهنية الجديدة.
والنتيجة : أمة منزوعة الأنياب بلا عقيدة ولا وحدة ولا جهاد.
أمة كسرت ذروة السنام ، فوطَّئَت ظهرها لكل من هب ودب من اللئام والطغام.