الفليج يكتب : كثيرون يرون الحق مع غزة وينتصرون للعدو

بقلم د.عصام عبداللطيف الفليج

يتساءل الكثير من الناس عن الموقف الغريب لبعض الساسة والاعلاميين والمشايخ تجاه الأحداث الاجرامية للكيان الصهيوني تجاه غزة، فهم في تناقض ما بين انتقاد اليهود، وما بين انتقاد الفلسطينيين، وكأنهم أضاعوا بوصلتهم ولا يعرفون ماذا يريدون!! وما هذا الامر بغريب عمن اختلط الايمان في قلبه بالشهوات وحب الدنيا، او اتباع سياسة «اذا خاصم فجر»، فما منع سادة قريش من الايمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم الا «الكِبْرْ»، وما منع سادة اليهود من بني قريضة وبني قينقاع وبني النضير الا حب المنصب، ولنا في حيي بن أخطب أنموذج تاريخي، فما هي قصته يا ترى؟! بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة، ذهب اليه حيي بن أخطب وهو من أحبار اليهود وسيد بني النضير وكان من أعلم اليهود بدينهم، كما كان من أشد مقاتليهم، وذهب معه شقيقه أبوياسر بن أخطب للقائه، وطلبا منه النظر بين كتفيه ليريا «خاتم النبوة»، (وهي وحمة تشبه الزيتونة موجودة في أجسام كل الأنبياء، يخرج منها ثلاث شعرات، وتقع عند الفقرة الأولى من العمود الفقرى)، ولما رأيا الخاتم سألاه عدة أسئلة، فأجابهما. رجع حيي بن أخطب وهو محتار، فسأله أخوه: أهو هو؟ (يقصد الموجود في التوراة)، قال: هو هو. (أي هذا هو النبي المذكور في التوراة)، قال: فماذا تنوي؟ قال: عداوته ما بقيت!! ألاحظتم.. اقرار بالحق، وابتعاد عنه.. انه الكبر وحب الدنيا والسيادة. بدأت بعدها محاولات الغدر ونقض العهود اكثر من مرة، وآخرها.. محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء صخرة عليه من فوق أحد الحصون التي كان يجلس تحتها مع احدهم، وكان الايحاء الرباني الذي أبعده عن هذا المكان بالتوقيت المناسب، الا أنه نجا منها، فقرر النبي صلى الله عليه وسلم طردهم من المدينة واجلاءهم منها، فكانت «غزوة بني النضير» والتي نتج عنها طردهم الى خيبر. فانطلق حيي بن أخطب الى قريش وقال لأبي سفيان: جئتك لأحالفك على حرب محمد. فقال أبوسفيان: مرحبا وأهلا، كل من أعاننا على حرب محمد وعداوته فهو حبيب لنا. ودخل حيي وأبوسفيان وسادة قريش الى الكعبة فرفعوا ستارها، وألصقوا بطونهم على جدارها، ليقسموا على التحالف، وألا يخذل بعضهم بعضا حتى يتم القضاء على محمد، وفاتهم انه لا يعترف بهذا القسم!! واتجه حيي بن أخطب بعد ذلك الى غطفان – ثاني قوة في الجزيرة العربية بعد قريش – واتفق مع غطفان على نفس الاتفاق، ثم ذهب الى قبائل أخرى، وهكذا.. جمع قبائل العرب، وانضوى أخيراً تحت قيادة أبي سفيان، قائد الجيش الموحد المتجه لحرب المسلمين. ولم يكتف بذلك، فقد ذهب حيي بعد ذلك الى كعب بن أسعد، سيد بني قريظة، وحرضه على قتال محمد، وتسبب في نقض العهد الذي أبرم بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين يهود بن قريظة، الذي ينص على الدفاع المشترك عن المدينة عند اعتداء اي عدو، وذلك في غزوة الخندق، ولما حكم الله في يهود بني قريظة بقتل رجالهم وسلب أموالهم وسبي ذراريهم، كان حيي في حصونهم يقوي شوكتهم ويشحذ همهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به فضرب عنقه. هذا مختصر لأحد أبرز رؤساء اليهود وسادتهم ومن أعلم أحبارهم، معلومات متناثرة هنا وهناك من مصادر عدة، اتفقت على غدره وخيانته، على الرغم من ثبوت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فيا ترى.. كم حيي بن أخطب يعيش بين جنبينا، وهو يرى الحق مع الغزّاويين، وينتصر لعدوهم، او يخذلهم ويهزمهم معنويا؟!! اللهم سلم.. اللهم سلم، اللهم افضحهم بين عبادك الا من تاب، وفرج عن اخواننا في غزة والشام، وانصرهم على عدوهم، آمين. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
د.عصام عبداللطيف الفليج