آراءمحلي

الفضلي :كل ما يأتي من الله خيرة

عبدالعزيز صباح الفضلي :الفضلي

تمر بالإنسان مواقف وأحداث على عكس ما يحب ويشتهي، ينطبق عليها المثل القائل «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»، وقد يدفع ذلك بعض الناس إلى درجة الاعتراض على أمر الله تعالى أو السخط من قضائه وقدره، وينبُع ذلك من جهل الإنسان وقّلة علمه، وعدم إدراكه لبواطن الأمور وخواتيمها والتي لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولذلك كان الأولى والأجدر بالإنسان المسلم أن يوقن بأن كل ما يأتي من الله خير.

في قصة موسى عليه السلام مع الخضر، رأينا مشاهد عدة في ظاهرها الشر وفي بواطنها الخير، فالخضر حطّم جزءاً من السفينة التي حملهم أصحابها من دون أن يأخذوا عليهم أجرة، فكان الأولى أن يرد المعروف بالمعروف، فكيف يُقدم على التخريب، لكن الخير كان يكمن في أن هذا العيب في السفينة، جعل الملك الذي كان على الجانب الآخر من الشاطىء يزهد فيها ولا يُصادِرها.

ولما قتل الخضرُ الغلامَ وقع في منكر كبير في ظاهره، إلا أن الخيرية في هذا الفعل بيّنها الله تعالى في قوله «وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يُرْهِقَهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً».

اتهمت أم المؤمنين «عائشة» بنت الصديق رضي الله عنها بأبشع تهمة، وابتليت في ذلك بلاءً شديداً، لكن عاقبة ذلك المكروه كانت خيراً وعطاءً، إذ برّأ الله ساحتها من فوق سبع سماوات بقرآن يُتلى إلى يوم الدين.

قد يحزن الإنسان على حياة الفقر، وهو لا يعلم أن الفقر ربما كان خيراً له من غنى يُطغيه «كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى» وكم غيّرت الفلوس النفوس؟

كم يُحرم الإنسان من أشياء عديدة في حياته: المال، الولد، الزواج، المنصب…، لكن ينبغي للعبد أن يجعل شعاره «لعله خير» نعم فلسنا ندري أين يكون ذلك الخير، هل بما نُحب أم بما نكره؟، والله تعالى يقول «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحِبُّوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون».

رُب أمرٍ تتّقيه

جرّ أمر ترتجيه

خفي المحبوب منه

وبدا المكروه فيه

الأوضاع اليوم في سورية والعراق وغيرها من بلاد المسلمين مؤلمة محزنة، لكننا لا نعلم أين تكون الخيرية في هذه المصائب والشدائد، فلعل الخيرة في أن يُمحّص الله تعالى الصفوف، فيُظهر الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق.

ولعل هذه الشدائد تكشف معادن الناس، وعسى أن تكون هذه المحن مقدمة لسيادة الأمة وانتصارها على أعدائها، من يدري فالغيب علمه عند الله، لكننا نثق بأن: كل ما يأتي من الله خيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى