

عادل الإبراهيم – الأنباء:
يتميز التاريخ السياسي للكويت بخصوصيته منذ البدايات الأولى لنشأتها وبزوغها كإمارة منذ أكثر من 300 سنة، حيث اختار الكويتيون برضاهم وإرادتهم الحرة صباح الأول لما عرف عنه من حكمة واستمر اختيارهم من آل الصباح لكي يولوا عليهم في إدارة شؤون الإمارة وكان الكويتيون دون استثناء خير سند ومعين لحكامهم وفي الدفاع عن إمارتهم باذلين الغالي والنفيس على الرغم من ضيق اليد آنذاك واستمر الوضع هادئا على هذا المنوال وهي البيعة الأولى لآل الصباح في المرحلة الأولى من تاريخ الكويت، وتأتي المرحلة الثانية من التاريخ السياسي الكويتي بنهاية القرن التاسع عشر بتغيير جذري في اختيار الحاكم يتمثل في تقلد المغفور له الشيخ مبارك الصباح مقاليد الحكم، وتوقيعه لمعاهدة الحماية الكويتية البريطانية عام 1899 ليكون أحد بنودها حصر الحكم له ولذريته من بعده.
وتأتي المرحلة الثالثة من التاريخ السياسي والتي هي الأهم على الإطلاق وهي فترة الاستقلال والتي تم خلالها وضع دستور شامل للكويت كدولة حديثة يوضح فيه أسس إدارة شؤون الحكم والمشاركة الشعبية فيه كعقد بين الحاكم والمحكوم وبإجماع الكويتيين، هذا الدستور الذي ينص في إحدى مواده على ان أمير الكويت من ذرية مبارك وهي البيعة الثالثة وباختيارهم.
وتأتي المرحلة الرابعة من التاريخ السياسي لدولتنا بالبيعة الكبرى لآل الصباح كحكام للدولة في أحلك الظروف التي مرت بها الكويت وهو الاحتلال الصدامي الغاشم للكويت عام 1990 في اجتماع مؤتمر جدة الشهير بإجماع الكويتيين طواعية بعودة الشرعية.
كانت تلك مقدمة تاريخية ضرورية لكي نوضح ان الدستور الكويتي قد حدد اختيار سمو الأمير من ذرية المغفور له الشيخ مبارك وترك الباب مفتوحا لسمو الأمير في اختيار من يراه مناسبا لرئاسة الوزراء.. من هنا فإن الأمر منوط بسمو الأمير ولا يجب بأي حال من الأحوال التعدي على صلاحياته ان كنا فعلا حريصين على دستورنا والدفاع عنه باعتباره العقد بين الحاكم والمحكوم، لكن المطالبة «باسم الشعب» بأن تكون رئاسة الحكومة شعبية مستقبلا أمر وكأنه بداية الانقلاب على الدستور الذي ارتضيناه ان يكون الميثاق لممارسة الحكم وإدارة شؤون البلاد وتدخل في صلاحيات صاحب السمو.
وفي هذه الأيام نستذكر أوقاتا عصيبة مرت بها الكويت تتمثل بالاحتلال الصدامي الغاشم عام 1990 وهي ذكرى أليمة على نفوسنا ككويتيين باحتلال بلدنا وفقدنا أبناء أعزاء علينا كشهداء وفي الوقت ذاته مناسبة عظيمة نستذكر فيها توحد الكويتيين أمام محاولة الاحتلال وإسقاط الشرعية مع حكامهم ومع الدستور وعلينا ان نأخذ العبر بتفويت الفرص على التعرض لأمن البلاد سواء بالتهديدات الخارجية أو المطالبات غير الدستورية، هذا ما نأمله من أبناء الكويت الذين جسدوا أروع الصور والتضامن والتكاتف وفي الوقت نفسه نأمل من حكومتنا الرشيدة مكافحة الفساد وتحقيق العدالة وتطبيق القانون دون انتقائية لينعم الجميع بالأمن والأمان والازدهار المنشود. فهل يعي أبناء وطني مسؤولين ومواطنين ذلك؟ هذا ما نأمله.