صورة و خبر

الاتحاد الأوروبي: تركيا مرشحة للعضوية وشريك استراتيجي لا غنى عنه

أكد الاتحاد الأوروبي في تقرير التوسعة لعام 2025 أن تركيا تظل دولة مرشحة رسمياً للانضمام وشريكاً محورياً في عدد من الملفات الاستراتيجية الحساسة، في مقدمتها أمن البحر الأسود وشرق المتوسط والهجرة والطاقة والاستقرار الإقليمي، مشدداً على أن مصالح الجانبين تتقاطع في بيئة جيوسياسية متغيرة تتطلب مقاربة واقعية جديدة.

جاء ذلك في تصريحات مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع مارتا كوس أثناء إعلانها حزمة التوسعة السنوية للمفوضية، حيث قالت إن “تركيا شريك أساسي نتقاسم معه مصالح استراتيجية في البحر الأسود وشرق المتوسط، ونعمل معاً على أجندة الترابط الإقليمي”.

ورغم تجميد مفاوضات انضمام تركيا منذ عام 2018، أقرّت المفوضية بأن أنقرة حافظت على مكانتها كطرف لا يمكن تجاوزه في الملفات الجيوسياسية والأمنية المحيطة بالقارة الأوروبية.

تحول في النغمة الأوروبية .. من التحفظ إلى البراغماتية

أشار التقرير إلى أن العلاقات الأوروبية – التركية تسير وفق نهج تدريجي وقابل للرجوع عنه بحسب المعايير المحددة، لكن اللافت في تقرير هذا العام هو ما وصفه مراقبون بـ”عودة الواقعية السياسية” في الموقف الأوروبي من أنقرة.

ففي ظل تصاعد الأزمات على تخوم الاتحاد — من الحرب في أوكرانيا إلى هشاشة الأمن الطاقوي والهجرة غير النظامية — يبدو أن بروكسل باتت أكثر وعياً بأهمية “العمق التركي” في معادلة الاستقرار الأوروبي.

مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي ناتشو سانشيز أمور دعا إلى إزالة “العقبات الذاتية” داخل الاتحاد أمام توسع واقعي، وقال:

“إذا كانت الدول المرشحة تستوفي المعايير، فلا ينبغي أن تتحول التعقيدات الداخلية إلى عائق أمام مشروع استراتيجي كالتوسع”.

الهجرة.. تركيا كصمام أمان لأوروبا

أبرز التقرير انخفاضاً بنسبة تفوق الثلث في أعداد المهاجرين الواصلين إلى الاتحاد الأوروبي عبر تركيا خلال النصف الأول من عام 2025، مشيداً بقدرة أنقرة على مراقبة حدودها الشرقية مع إيران وبـ”الجهود الكبيرة” في استضافة 2.7 مليون لاجئ، معظمهم من السوريين الذين تسارعت عودتهم الطوعية بعد الإطاحة بالنظام السوري نهاية عام 2024.

هذا الانخفاض — بحسب التقرير — يعكس الدور الحيوي لتركيا في إدارة ملف الهجرة نيابة عن أوروبا، وهو ما يضعها في موقع تفاوضي قوي خلال أي نقاش مستقبلي حول إعادة تنشيط مسار الانضمام أو تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي.

سياسة خارجية متعددة الاتجاهات

أظهر التقرير أن تركيا تواصل اتباع سياسة خارجية نشطة ومتعددة الأبعاد، تجمع بين الواقعية والوساطة. فقد لعبت دوراً محورياً في ملفات متعددة:

أوكرانيا: استمرار الوساطة التركية واستضافة جولات الحوار المباشر بين موسكو وكييف، مع تمسكها باتفاقية مونترو ورفض المساس بأمن البحر الأسود.

الشرق الأوسط: تجميد التجارة مع إسرائيل، ودعم دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة في غزة، والانخراط في إعلان شرم الشيخ للسلام بالتعاون مع واشنطن والقاهرة والدوحة.

سوريا: بعد سقوط النظام، فتحت أنقرة سفارتها في دمشق وأبرمت مذكرة تفاهم مع الحكومة الانتقالية لتطوير قدراتها الدفاعية، مؤكدة دعمها لـ”سوريا موحدة ومستقرة”.

القرن الإفريقي: رعت “إعلان أنقرة” بين الصومال وإثيوبيا، وساهمت في خفض التوترات في البحر الأحمر.

جنوب القوقاز وآسيا الوسطى: واصلت دعم التطبيع مع أرمينيا وتعزيز حضورها في المنطقة كقوة وصل بين الشرق والغرب.

هذه السياسة المرنة جعلت من تركيا فاعلاً إقليمياً لا يمكن تجاوزه، بل عنصراً لا غنى عنه في معادلة الأمن الأوروبي – الآسيوي.

الاقتصاد التركي.. بين الانضباط النقدي والديناميكية الهيكلية

على الصعيد الاقتصادي، اعتبر التقرير أن تركيا أحرزت تقدماً ملحوظاً في بناء اقتصاد سوق فعال، مع حفاظها على سياسة نقدية متشددة ساهمت في كبح التضخم وتحسين التوازن الخارجي رغم ضعف الطلب المحلي.

وأشار إلى أن رفع اسم تركيا من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) في عام 2024 يعكس تحسناً في الشفافية المالية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما نوه إلى استقرار القطاع المصرفي وتقدم ملحوظ في الحوكمة الرقمية والتجارة الإلكترونية.

غير أن التقرير حذر من تحديات سوق العمل، خاصة بطالة الشباب ومحدودية مشاركة النساء، داعياً أنقرة إلى مواصلة تكييف التعليم والتدريب مع احتياجات الاقتصاد الحديث، وتنويع مصادر الطاقة وتعزيز الشفافية في المساعدات العامة.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى