الرحمة في أسمى معانيها

الرِّفق بالحيوان خُلق إسلامي ، حثَّ عليه القرآن الكريم وحثتْ عليه السُّنَّة النبويَّة المطهرة التي حوتْ بين دفتيها كنوزًا منقطعة النظير في هذا الباب، وفي كلِّ باب.
والقصص في هذا الشأن كثيرة، إلاَّ أنَّه تستوقفنامنها قصَّة أمؤثرة، فقد يُتصور أن تَطعم وتُطعم معك حيوانًا، أمَّا أن تجوع لكي يَطعم حيوانٌ، فهذا أمرٌ يكاد يكون معدومًا؛ جاء في “المستجاد من فعلات الأجواد”:
أنَّ عبد الله بن جعفر خَرَج إلى ضيعة له، فنزل على نخيل قومٍ، وفيها غلامٌ أسود يقوم عليها، فأُتي بقُوتِه ثلاثة أقراص، ودخل كلبٌ فدنا من الغلام، فرمى إليه بقرص فأكَله، ورمى إليه بالثاني فأكَله، ثم الثالث فأكله، وعبد الله ينظر إليه، فقال: يا غلام، كم قُوتُك كلَّ يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرتَ هذا الكلب؟ قال: ما هي بأرض كلاب، وإخاله جاء مِن مسافة بعيدة جائعًا، فكرهتُ ردَّه، قال: فما أنت صانعٌ اليوم؟ قال: أطوي يومي هذا، فقال عبد الله بن جعفر: أُلام على السَّخاء، إنَّ هذا لأسخى مني! فاشترى الحائط، والغلامَ، وما فيه من آلات، وأعتق الغلامَ ووهب ذلك كلَّه له.



