بحوث ودراسات

الجوانب القانونية والسياسية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين (ج1)

الدكتور السيد مصطفى أبو الخير- خبير أكاديمي في القانون الدولي||

إن مؤامرة توطين اللاجئين الفلسطينيين عن طريق استيعابهم في أراض بعيدة عن وطنهم المغتصب أو توطينهم داخل الأراضي الفلسطينية صاحبت مؤامرة اغتصاب فلسطين الدولة والأرض والشعب فهي لا تظهر عادة إلا في حالات تردي الأوضاع العربية علي الصعيدين الدولي والإقليمي – وكثير ما هي – وبالتالي تراجع ملحوظ في حركة المقاومة للمشروع الصهيوني، وتظهر مشاريع التوطين وتختفي مع كل تقدم في حركة المقاومة ومع كل حالة نهوض قومي عربي – وقليلة ما هي – فزادت مشاريع التوطين عن الخمسين مشروعا خارجيا وداخليا.

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على مشاريع التوطين للاجئين الفلسطينيين واعتمدت الدراسة لتحقيق هدفها على العديد من المراجع والدراسات التي تتعلق بالموضوع. وقد استخدمت المنهج التاريخي التحليلي لتبيان موضوع الدراسة من كافة جوانبه القانونية والسياسية، ونحن نري أن التوطين نوعان هما:

– التوطين الخارجي الدولي: ويكون بإبعاد الفرد إلي خارج الدولة وأرض الوطن إلي دولة أخري سواء قريبة من دولته الحقيقية أو بعيدة فلا اعتبار للمسافة هنا الاعتبار هو طرد المواطن خارج دولته للإقامة في دولة أخري، أي ينبغي عبور حدود دولية هنا أي الانتقال من دولة لأخرى من فلسطين إلي أي دولة أخري وهي المشاريع التي أوضحناها في المبحث الأول من هذه الدراسة.  

– التوطين الداخلي: ويكون ذلك بتغيير محل إقامة الفرد من مكان إلي مكان داخل نطاق حدود الدولة الواحدة أي داخل أرض الوطن بالقوة أو بالإكراه، وسواء أتخذ بيتا أو سكن المخيمات، المهم هنا أنه لا يغادر أرض الدولة وسماء الوطن.

وسوف نستعرض الموضوع بكافة جوانبه السياسية والقانونية في المباحث التالية:

المبحث الأول: مشاريع التوطين الدولية الخارجية.

المبحث الثاني: مشاريع التوطين الداخلية.

المبحث الثالث: الجوانب السياسية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين.

المبحث الرابع: الجوانب القانونية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين.

 المبحث الأول

مشروعات التوطين الدولية/ الخارجية

     من قبل احتلال اليهود لفلسطين ومشروعات توطين الفلسطينيون في الأماكن التي لجأوا إليها لم تتوقف، بعضها استمر قائما بعض الوقت والآخر ولد ميتا([1]) وزادت مشاريع التوطين عن الخمسين مشروعا تقدمت بها دول غربية وعربية، وهناك مشاريع إسرائيلية لم تتوقف، وسوف نقسم هذه المشاريع إلي مجموعات حسب مصدرها، في المجموعات التالية([2]):

1 – المشروعات الأمريكية.

2 – المشروعات الإسرائيلية.

3 – المشروعات العربية.

4- المشروعات الغربية.

5 – مشروعات المنظمات والاتفاقيات الدولية.

1- الأونروا وتوطين اللاجئين([3]): تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (302) في 9/12/1949م لتقديم الإغاثة المباشرة وإقامة برامج تشغيلية للاجئين الفلسطينيين وأوصت بها بعثة المسح الاقتصادي بالاتفاق مع الحكومات العربية التي تأوي اللاجئين، وقامت الأونروا من خلال تقديم القروض بمحاولة توطين اللاجئين بدمجهم في أماكن تواجدهم من خلال إيجاد أعمال أو عمل يغنيهم عن الأونروا بالتشغيل الذي يؤدي إلى التوطين، وحين فشل ذلك عمدت من خلال تحسين حياة اللاجئين من خلال إعطائهم قطع ارض وقروض بهدف توطينهم تحت بند الخطة السحرية سنة 1959م الذي كان هدفها توطين (60%) من اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان وحين فشلت في ذلك ظلت تعطي القروض بهدف التوطين حتى أن الغرب ظل مستمراً في تقديم المساعدات للاونروا لإيجاد طرق كفيلة لتحقيق التوطين برفع مستوى التطور الاقتصادي وخاصة تحسين دورة الحياة في الدول العربية من خلال الإنماء الاقتصادية أملاً في ذوبان اللاجئين بها.

إن سير الأونروا في سياق تقليص خدماتها يدل علي السير بشكل تدريجي لتصفية نفسها، وتسليم خدماتها للدول المضيفة والسلطة الفلسطينية عند توفير وضع سياسي ومالي ملائم، وهذا يصب في المشروع الأميركي الإسرائيلي لتصفية قضية اللاجئين بالتوطين والتذويب وظهر ذلك جليا بعد اتفاق أوسلو في برنامج تطبيق السلام (pip) من عام 1995 وذكر ذلك صراحة في تقرير المفوض العام للاونروا (98/99).

 وقد ظهر من عمل الأونروا إنها توائم عملها مع مقتضيات اتفاق أوسلو، مع العلم إنها كانت تعاني من عجز مالي كبير في عملها الاغاثي، لكنها حصلت على تمويل كبير بحدود (300) مليون دولار لإنفاقها على برنامج طرحته وأسمته (إدارة الدخل) يتماشى مع مفاوضات التسوية، وكان لها دور فعال في مسار المفاوضات المتعددة الأطراف لعملية التسوية، وسارت في خطوات هامة عام 1995 منها نقل رئاستها من فيينا إلى غزة عملاً بقرار الأمين العام للأمم المتحدة وقرار الجمعية العامة، ودفعت رواتب (9000) شرطي فلسطيني يعملون لدي السلطة،  كما وافق كبار المتبرعين والحكومات المضيفة على تسليم عمليات الأونروا إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وقد ورد ذلك في تقريرها لعام 1995م وقامت سياسة الأنروا على ضرورة التناقص التدريجي للاجئين المستفيدين من خدماتها

2- اتفاق أوسلو واللاجئون: إن اتفاق أوسلو لم يستند لأي قرار دولي بشأن اللاجئين إلا الفقرة (2/ب) من قرار مجلس الأمن رقم (242) الذي يشير إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين، ولم يشر إلى القرار 194 على انه المرجعية ويستوجب التطبيق وليس التفاوض، علما بأن القرار(242) من وجهة النظر الإسرائيلية يشير فقط إلى النازحين وليس اللاجئين، وهناك إصرار إسرائيل على تعريف للاجئين ينسجم مع رؤيتها للقضية وعلى أساس قاعدة التأهيل والتذويب والتوطين.

 وكذلك فإن اتفاقية طابا – واشنطن المستندة إلى أوسلو لم تنص على قضية اللاجئين وحولتها إلى المفاوضات متعددة الأطراف والى مفاوضات الحل النهائي 199 أي أن الإشارة بشكل خجول وليست كمرجعية لقرارات الشرعية الدولية وإلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني يعتبر الخطوة الأولى في إسقاط حق عودة اللاجئين تمهيدا للتوطين وأصبحت قضية اللاجئين مجرد جاليات هنا وهناك لها همومها الخاصة وليس قضية شعب شرد من أرضه بدون حق.   

 وجاء في تصريح عضو للجنة التنفيذية مسئول دائرة اللاجئين في المنظمة بعد ثلاثة أشهر من بدء المفاوضات انه تم الاتفاق مع المسئولين اللبنانيين في إعطاء الجنسية للفلسطينيين فور انتهاء مفاوضات الحل النهائي ليتحولوا إلى جالية عربية لها حق الإقامة والعمل دون حق الانتخاب والترشيح في أي انتخابات لبنانية على أن لا يؤثروا على التركيبة الطائفية([4]).

3- دراسة دونا آرزت: قدمت من قبل المحامية الأميركية الروسية الأصل دونا آرزت بحضور مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ريتشارد مورفي في يناير/كانون الثاني 1997 أمام مجلس الشؤون الخارجية بالكونغرس، وتطرقت إلى الأوضاع في الشرق الأوسط خاصة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتحولت تلك الدراسة إلى كتاب فيما بعد، وطرحت الدراسة اقتراحات تشمل توطين الفلسطينيين حيث يتواجدون، وعلى لبنان توطين نحو 75 ألف فلسطيني، ومنح كل فلسطيني أينما كان جواز سفر يتيح له زيارة دولة فلسطين التي ستقام مستقبلا([5]).

4- خطة التطوير الاقتصادي للشرق الأوسط: ويطلق عليها خطة ماكفي”([6]): وهذه الخطة طرحت من قبل لجنة التوفيق الدولية عن طريق الولايات المتحدة، وتم إعادة طرحها بواسطة ماكفي في آذار/ مارس 1949م، وتوجه إلي بيروت لشرح خطته المتمثلة في إنشاء وكالة تتكون من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، تقوم بتقديم المساعدات الكفيلة بإنشاء مشاريع تنمية وتقوم بتوطين اللاجئين في الدول التي يمكنها القيام بذلك والتي تقبله.

وطرحت الخطة تسوية للصراع على أساس إعادة وتوطين اللاجئين في آن واحد فاقترحت إعادة مائة ألف لاجئ إلى الأراضي المحتلة، وباقي اللاجئين يتم توطينهم في بعض الدول وتعهدت الولايات المتحدة بتحمل نفقات توطينهم، واشترطت إسرائيل في مقابل ذلك اعترافاً كاملاً بدولته وإعادة توطين المائة ألف لاجئ، حيثما يتفق ومصالحها الخاصة واعتباراتها الأمنية، ثم رفضتها منبئة بفشلها.


[1] – الأستاذ / أسعد العزوني، الفلسطينيون يرفضون التوطين والتعويض إن كان ثمناً للأرض، موقع المجموعة 194 علي شبكة الانترنت.

[2] – – موقع الأمم المتحدة http://www.un.org/depts/dhl/dag/time1959.htm

موقع المكتبة الإسرائيلية

http://www.jewishvirtuallibrary.org/jsource/US-Israel/FRUS9_30_62.html                                                      

– مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات http://alzaytouna.net/arabic/?c=201&a=48056

– مركز المعلومات الوطني الفلسطيني http://www.pnic.gov.ps/arabic/palestine/refu/pro_refu.html
– مركز العودة الفلسطيني
http://www.prc.org.uk/data/aspx/d5/15.aspx
– السلطة الوطنية الفلسطينية، الهيئة العامة للاستعلامات
http://www.sis.gov.ps/arabic/roya/24/page5.html
– انظر موقع صحيفة هآرتس
http://www.haaretz.com/hasen/spages/927203.html
– موقع المجموعة 194
http://www.group194.net/page=
Show Detailس&Id=20&table=studies
– مركز العودة الفلسطيني
http://www.prc.org.uk/data/aspx/d5/595.aspx
– موقع هيئة أرض فلسطين
http://www.plands.org/arabic_article/tawteen.htm

[3] – الأستاذ/ زياد الشولي، مشاريع التوطين وحق العودة، دراسة منشورة بموقع مركز باحث للدراسات بتاريخ 10/8/2007 م علي شبكة الانترنت.

[4] – صحيفة المجد الأردنية الصادرة بتاريخ 28/2/1999م.

[5] – الأستاذ / كمال قصير، مشاريع توطين الفلسطينيين في الخارج، الجزيرة نت.

[6] – عبد الأسدي. “المشاريع الأمريكية حول القضية الفلسطينية”، صامد الاقتصادي، عمان، ع 151، 7/8/9/ 1995، ص 62-88.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى