بحوث ودراسات
أخر الأخبار

الجوانب القانونية والسياسية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين (ج4)

الدكتور السيد مصطفى أبو الخير- خبير أكاديمي في القانون الدولي||

29- وثيقة أكس آن بروفانس: شاركت في صياغتها مجموعة فلسطينية ووقع عليها كذلك القائم بأعمال رئيس الوزراء الإسرائيلي حاييم رامون، ونشرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2007م،  وتطرقت إلى عدد من القضايا المصيرية كالوضع النهائي لمدينة القدس ومشكلة اللاجئين واقترحت حلا لمشكلة عودة اللاجئين الفلسطينيين، مفاده إسقاط هذا الحق مقابل التعويض البالغ من (55 إلي 85) مليار دولار وتوطين نسبة من اللاجئين في الأماكن التي يتواجدون بها حاليا مع تلقيهم تعويضات مالية.

30- مشروع بريطاني([1]): من إعداد وزارة الخارجية البريطانية عام 1955م وتمت مناقشته مع الحكومة الأمريكية حينئذ وتضمن عددا من مشاريع التوطين خاصة  في العراق،  بالتنسيق مع السفارة البريطانية في بغداد وقسم التطوير في المكتب البريطاني في الشرق الأوسط ببيروت والأونروا وبقية السفارات البريطانية في المنطقة، حسب المشروع يتم توطين مليون لاجئ فلسطيني في غضون عشرين عام وتوقف المشروع علي موافقة العراق.

31- مشروع الجزيرة([2]): في عام 1952م اتفقت وكالة الغوث الدولية مع الحكومة السورية علي تنفيذ مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين بسوريا بعد إعلان حسني الزعيم عام 1949م قبوله توطين ثلاثمائة ألف لاجئ في منطقة الجزيرة في شمال سوريا وسمي المشروع (بمشروع الجزيرة) نسبة إلي المنطقة التي كان سوف يتم فيها التوطين.

     وعزز باتفاق سري أبرم في بداية سنة 1953 بين الولايات المتحدة وحكومة أديب الشيشكلي لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وقد رصدت وكالة الغوث ميزانية للقيام بمشاريع اقتصادية تهدف إلى تأهيل الفلسطينيين المتواجدين هناك، وقد خصصت وكالة الغوث مبلغ 30 مليون دولار للقيام بمشاريع تهدف إلى تأهيل الفلسطينيين في سورية خصص منه 24 مليون دولار للمشاريع الزراعية، لكنها توقفت عند المراحل الأولى لكون الأرض التي وضعتها سوريا بتصرف وكالة الغوث كانت بورا ونسبة الملوحة فيها عالية جدا كما أن المياه الجوفية الحلوة التي استخرجت أو كانت في طريقها إلى الاستخراج غير كافية وتكلفة إنتاجها أكثر بكثير مما يمكن أن تنتجه، أما المنطقتان الأخريان اللتان قدمتهما سورية إلى وكالة الغوث فكانتا سهل رمضان “160 ألف دونم” وجزء من أراضي ضيعة مساحة 1700دونم” وكانتا غير عمليتين بسبب ضيق المساحة وتباعدها وعدم تطابقها مع الإمكانيات المقررة وقد رفض بن غوريون هذا المشروع لأن حسني الزعيم ربط ذلك بالمطالبة بتعويض اللاجئين وتقديم مساعدة لهم. 

32- مشروع توطين اللاجئين في الصومال وليبيا: تقدم بناء علي اقتراح المشرف العام علي المنظمات العالمية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أرسله إلي المدير العام للوزارة عام 1950م مفاده توطين اللاجئين الفلسطينيين في ليبيا والصومال فقد ذكر ممثل ايطاليا في مجلس الأمن أن سياسة حكومته تعمل علي تشجيع مهاجرين عرب أو مزارعين عرب علي الإقامة في ليبيا والصومال حيث لن يكونوا غرباء، كما أن الإسرائيلي دانين ذكر إن اتفاقا سريا تم التوصل إليه مع وزراء في الحكومة الليبية ينص علي توطين عامل فلسطيني مع عائلته في كل مكان فيه خمسة عمال ليبيين، وأضاف أن هناك اتفاقا مع السلطات الأردنية بان يهاجر الفلسطينيون الراغبون عبر سوريا، وهناك اتفاق أخر مع السلطات اللبنانية للسماح للفلسطينيين بالمرور عبر لبنان والإبحار من موانيه إلى ليبيا، ولقد عمل الكثير من الصهاينة حتى عام 1958 م لتنفيذ هذا المشروع دون جدوي.

33 – مشروع موشي دايان([3]): قدمه بعد عام 1968م بهدف إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في غزة وشرع في تطبيقه أوائل الثمانينات بتكلفة مليار دولار، وطالب دايان مساهمة الحكومة البريطانية بنسبة 15% من هذا المبلغ ووعدت الولايات المتحدة بتحمل بعض نفقاته، وخطط المشروع إلى توطين 300 ألف لاجئ من سكان غزة، أي ما نسبته 15.3% من مجموع السكان اللاجئين، وهو مشروع يستند بالأساس على البعد الأمني لذلك فهو ليس مشروعاً متكاملاً بل عبارة عن إجراءات تنفذها سلطات الحكم العسكري وتهدف بالأساس إلى تقليص الخطر الأمني المحيط بقوات الاحتلال الإسرائيلية في قطاع غزة. ويتضمن المشروع النقاط الثلاث التاليات:-

– اتخاذ تدابير ردع وعقاب جماعي ضد السكان العرب الذين يتعاونون مع “الفدائيين” في المخيمات.

– تخفيف كثافة سكان المخيمات الكبيرة خاصة مخيم جباليا والشاطئ ورفح بغزة

–  إقامة أحياء سكنية جديدة تخترقها شوارع عريضة ذات مواصفات أمنية معينة وهذه الأحياء ليس ضرورياً أن تكون في المخيمات نفسها ويمكن أن تكون في الضفة الغربية أو في العريش ولكن لا تكون في أراضي إسرائيل قبل الرابع من حزيران 1967م، وقد قال ديان ( لو أن إسرائيل أخرجت من مخيمات اللاجئين في القطاع 150 ألف لاجئ كمرحلة أولى، ووزعتهم في مدن الضفة الغربية فستنخفض دون أدنى شك عمليات القتل والإرهاب في القطاع خاصة وأن في مدن الضفة الغربية أماكن كافية للسكن والعمل أيضا)([4]).

     ويهدف ديان من ذلك أيضاً إلى تصفية المخيمات تحت ستار تخفيف كثافة السكان في هذه المخيمات وتوزيع اللاجئين في قرى جديدة عن طريق الإغراء بالمساكن الأفضل والخدمات العامة، وأماكن التشغيل وتجريد اللاجئين من صفة لاجئ بعد نزوحهم من المخيمات، يمتاز هذا المشروع بعدم إثارته لردود فعل فالمشروع يرمي إلي إيجاد الحلول للعائلات التي تهدم منازلها بسبب العقاب الجماعي و شق الطرق الأمنية، وتخفيف كثافة السكان في غزة.

34 – مشروع باروخ([5]):تقدم به باروخ للهيئة العربية العليا واقترح إنشاء (اللجنة الدولية للاجئين العرب) تكون مهمتها العمل على إعادة بعض اللاجئين إلى الأراضي المحتلة، وتوطين البعض الآخر في البلاد العربية المتواجدين فيها، وتهجير البعض الآخر إلى كندا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية وباكستان، وبناء البيوت المجانية للاجئين وتوفير فرص العمل وكل ما تيسر من سبل التسلية العقلية والثقافية، وقد تجاهل المشروع كافة الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في العودة والتعويض، الواردة في قرارات الأمم المتحدة ولكنه حظي بالموافقة من قبل حكومة مصر التي وعدت أن يكون التعاون وثيقاً مع اللجنة المقترحة لتحقيق كل ناحية من نواحي العمل وطلبت أن يكون الأشخاص الدين يوظفون يكون أكثريتهم من العرب وتوافق عليهم السلطات المصرية، ورفض المشروع من قبل رئيس الهيئة العربية العليا الذي طالب بوجوب عودة اللاجئين إلى وطنهم، واستعادة أملاكهم، وإيقاف هجرة اليهود إلى فلسطين.

35 – مشروع إلينا روز لشتاين: تقدمت إلينا روز لشتاين عضو مجلس النواب الأميركي ورئيسة اللجنة الفرعية لشئون الشرق الأوسط ووسط آسيا مع عدد من أعضاء مجلس النواب مشروعا للكونغرس عام 2006 في محاولة لصناعة قرار يدعو الرئيس الأميركي جورج بوش إلى مطالبة الدول العربية باستيعاب الفلسطينيين المقيمين على أرضها وحل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا ومعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين بواسطة المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

36 – مؤتمر مدريد والتوطين([6]): بدأ الأعداد لمؤتمر مدريد نهاية تشرين الأول 1991م على أساس مبادرة بوش الأب الأرض مقابل السلام ولكن من خلال الرؤيا الصهيواميركية لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين من خلال إنهاء حق عودة الفلسطينيين بعدم الاعتراف بالقرار 194 لسنة 1948م والعمل على توطين اللاجئ الفلسطيني في أماكن تواجده، وقد جاء ذلك في اتفاق أوسلو ووادي عربة الأردني ومن قبل في كامب ديفيد وإنهاء دور الأونروا، علما بأن قرار إنشاء دولة لليهود في فلسطين كان مشروطا بتنفيذ عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وممتلكاتهم.

     إن مؤتمر مدريد الذي قاد عملية التسوية وقاد إلى أوسلو سارعلي خطين متوازين هما: المفاوضات الثنائية بين الأطراف العربية وإسرائيل والمفاوضات المتعددة الأطراف، وقد عملا هذين المسارين على تجذير المفهوم الصهيواميركي لحل قضية اللاجئين وإنهاء حق العودة بالتوطين، وتم إنشاء لجنة للاجئين عقدت اجتماعات تنسيقية شارك فيها أربعون دولة، وكان الحوار يسير على محورين: الأول: تطوير البنية الاجتماعية والاقتصادية لتجمعات اللاجئين بالتعاون مع الدول المضيفة والثاني: دعم عمل سلمي عبر توفير مقومات التأهيل والتوطين حيثما يتفق عليه في الدول المقيمين فيها.

     وقدم الجانب الكندي مشروعًا لحل قضية اللاجئين قدمه (جاك بيرون) المعروف بورقة رؤية آذار/مارس 1995م، جوهرها شرق أوسط بلا لاجئين وتناولت أمر عودة اللاجئين وإعادة التوطين واستيعابهم بالدول التي يقيمون فيها، ولكن إسرائيل رفضت ذلك وتم تغيير بيرون بسفير كندا في الأردن اندروروينس الذي يرفض حق العودة.

37 – مشروع الغور الشرقي الأردني([7]):  يرجع لعام 1951م حين طلبت الحكومة الأردنية من السير ماردوخ ماكدونالد القيام بدراسة عن إمكانية ري جانبي وادي الأردن بين بحيرة طبرية والبحر الميت، وقد اهتمت وكالة الغوث بهذه الدراسة واشترطت للمساهمة في المشروع بإعطاء الأراضي المستصلحة للاجئين، الذين يحملون بطاقات الإغاثة في منطقة الغور، البالغ عددهم سنة 1954، ما يزيد عن 93 ألف لاجئ، يقطنون منطقة الغور 61% من سكانها من اللاجئين، وهم ما يشكلون أكثر من 20% من مجموع اللاجئين في الأردن.

     يقترح المشروع بناء قناة طولها 43 ميلاً، لتأمين 140 مليون متراً مكعباً، سنوياً من مياه اليرموك والزرقاء، لري 30 ألف فدان من الأراضي على امتداد المنحدر الشرقي لوادي الأردن، ويمكن للمشروع إعالة 115 ألف نسمة وحددت مدة المشروع بعشر سنوات، ودخل المشروع حيز التنفيذ الفعلي عام 1961م بعد الاتفاق على تمويله بين الحكومة الأردنية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وقدمت الولايات المتحدة 18 مليون دولار مقابل 5 مليون فقط من الحكومة الأردنية، وقد عارضت إسرائيل المشروع لأنه يعرقل مخططاتها للاستفادة من مياه نهر الأردن. 

38 – توطين الفلسطينيين في العراق([8]): فكرة توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة جداً سبقت قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين ففي عام 1911م قدم الروسي جوشواه بو خميل مشروعه لترحيل عرب فلسطين إلى شمال سوريا والعراق، إلي لجنة فلسطين التابعة للمؤتمر الصهيوني العاشر المنعقد في بازل، وطالب قادة الحركة الصهيونية الدول الأوربية وخاصة بريطانيا بتنفيذ هذا المشروع أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 م واستمرت المحاولات الصهيونية الهادفة إلى توطين الفلسطينيين في العراق.

      ففي 17 كانون أول 1937م طالب بن غوريون في مذكرة بعث بها إلى اجتماع لجنة العمال الصهيونية المنعقد في بريطانيا البريطانيين الذين كانوا يستعمرون العراق المساعدة على ترحيل الفلسطينيين إلى العراق، وعرض فيها على العراق عشرة ملايين جنيه فلسطيني في مقابل توطين 100 ألف عائلة فلسطينية في العراق، وفي عام 1943م قدم الصهاينة خطة لترحيل الفلسطينيين إلى العراق للممثل الشخصي الرئيس الأمريكي”روزفلت” الجنرال “باترك هرلي” أثناء زيارته لفلسطين وقدم الجنرال تقريرا إلي الرئيس الأمريكي ذكر فيه أن قيادة الييشوف عازمة على إنشاء دولة يهودية تضم فلسطين بأسرها وشرق الأردن، وعلى ترحيل السكان العرب إلى العراق بالقوة.

     في شهر كانون الثاني عام1955م أعدت وزارة الخارجية البريطانية تقريراً مفصلاً عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وعرضته للمناقشة علي الحكومة الأمريكية، وتضمن التقرير عدداً من مشاريع التوطين وركز بشكل خاص على مشروع التوطين الذي استهدف العراق، وقد أولت الدوائر البريطانية في حينه اهتماماً خاصاً ببحث إمكانيات توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق وتعاونت في هذا المجال مع السفارة البريطانية في بغداد وقسم التطوير في المكتب البريطاني في الشرق الأوسط في بيروت، ووكالة الغوث (الأونروا) وبقية السفارات البريطانية في المنطقة، وفي ضوء الدراسات والتقارير التي جرى تبادلها بين هذه الأطراف خرجت عدة اقتراحات وكان متوقعاً في مدى عشرين عاماً أن يوافق العراق على استيعاب نحو مليون لاجئ([9]).


[1]  – أنظر وثائق وزارة الخارجية البريطانية الوثيقة رقم F / 37/115625

[2] – انظر نادية أبو زهر: من وعد بلفور إلى آخر! حق العودة بين محاولات التصفية والإنهاء رابط

، www.mic-pal.info/nkba/world/1.doc))

– لمزيد من التفاصيل انظر أفي شليم، الحائط الحديدي، ترجمة ناصر عفيفي، مؤسسة روز اليوسف، القاهرة، ص 49-51.

[3]  – الدكتور/ نبيل محمود السهلي. “اللاجئون الفلسطينيون في العراق، معطيات أساسية”، مجلة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 49، شتاء 2002، ص 104-105.

[4]  – مكرم يونس، المشروعات الإسرائيلية لتوطين اللاجئين 1967-1978، مجلة شؤون فلسطينية، عدد 86، كانون الثاني يناير 1979م، ص116/117.

[5]الأستاذ / حسين أبو النمل. “قطاع غزة (1948-1967) تطورات اقتصادية وسياسية واجتماعية وعسكرية”، بيروت، م.ت.ف، مركز الأبحاث، نيسان/ أبريل، 1979، ص 84.

[6] – راجع دراسة الأستاذ/ زياد الشولي السابقة.

[7] — الأستاذة / رولا خضر البرعي، الإطار النظري لمشاريع التوطين، المرجع السابق.

[8]http://www.group194.net/?page=ShowDetails&Id=66&table=studies

http://www.group194.net/?page=ShowDetails&Id=37&table=studies-

القدس العربي، لندن، 3/3/2000م.

– الأستاذة/ رولا خضر البرعي، الإطار النظري لمشاريع التوطين، المرجع السابق.

[9] – الوثيقة رقم F / 37/115625 من وثائق وزارة الخارجية البريطانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى