آراءمحلي

الحساوي :بلدة طيبة ورب غفور !

د. وائل الحساوي:وائل-الحساوي

كلما ابتعد الإنسان عن الكويت فإنه يراوده الحنين إلى الرجوع إليها ومعانقة أهلها وترابها، ليس فقط لأنها بلده التي حببها الله تعالى الى كل من يترك بلاده، مصداقا لقول الشاعر ابن الرومي:

وحبب أوطان الرجال إليهم

مآرب قضاها الشباب هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم

عهود الصبا فحنوا لذلكا

ولكن الكويت لها مذاق آخر، فهذا البلد الصغير يتميز عن كثير من بلدان العالم بطيبة أهله وكرمهم وتدينهم ونخوتهم.

لاشك أن كل شيء نسبي وان الكويت كمثل أي بلد آخر لها مشاكلها وهمومها وتقصير اهلها في كثير من الأمور، ولكن فضل الله تعالى ومنته على أهلها قد جعلها مميزة على كثير من الدول، فخيرها سابق على الكثيرين، والكل يتكلم عن مواقفها الإنسانية مع الآخرين.

لقد زرت لبنان والأردن قبل فترة قصيرة، ولمست من شعبيهما على اختلاف مشاربهما ودياناتهما ومذاهبهما، انهم جميعا يثنون على الكويت بما قدمته لهم من خير ومساعدات، ويمتدحون مواقفها السياسية تجاه الجميع، وزرت مخيمات اللاجئين السوريين فوجدتهم تلهج ألسنتهم بشكر اهل الكويت على ما يقدمونه لهم من مساعدات.

ان هذا الحب والثناء إنما هو نور يقذفه الله تعالى في قلوب عباده ويحبب لهم إخوانهم مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ان الله إذا احب عبدا دعا جبريل عليه السلام، فقال: اني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في اهل السماء ان الله عز وجل يحب فلانا فأحبوه، قال: فيحبه اهل السماء، ثم وضع له القبول في الارض» وفي تصوري بأن ذلك قد ينطبق على الجماعات والدول مثلما ينطبق على الافراد – والله اعلم –

كما اتعجب من بعض التغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تصف الكويتيين بشتى النقائص، وتصفهم بالحسد والتخبط والسذاجة والبخل، وللأسف ان معظم تلك التغريدات تصدر من أبنائنا الذين تربوا على مناهج خاطئة وظنوا بأنهم إنما يدافعون عن بلادهم عن طريق جلد الذات ونقد كل خير فيها، ياليتهم ينظرون الى الاحوال عند غيرهم من الشعوب والامم ليدركوا حجم النعمة التي نعيشها ولله الحمد.

ان الازمة المالية التي تعصف بمعظم دول العالم اليوم بسبب سقوط اسعار النفط لم تمنع من تصنيف الكويت ماليا في اعلى الدرجات وان تبشر بمستقبل زاهر لها، فقد انشأ اهلها مؤسسات مالية ورقابية انتهزت فترة انتعاش اسواق النفط لكي توفر احتياطات مالية كبيرة وصناديق تحوط، ويكفي أن تجد بأن 25 في المئة من دخل الكويت يتم توجيهه لصندوق الاجيال القادمة ناهيك عن مشاريع تكرير النفط والطاقة النظيفة التي يتم بناؤها اليوم. ونحن لا نخص بالثناء الشعب الكويتي وحده ولكن نفرح بأن رزقه الله تعالى حكاما حريصين على مصالحه محبين له، فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم من اهم مقومات استقرار الدول ونهضتها.

بالشكر تدوم النعم

يحق للشعب الكويتي أن يفرح ويحتفل بأفراح الاستقلال والتحرير، ولكن لابد أن ينسب ذلك الخير الى الله تعالى بمنته وفضله، ولابد من أن نتجنب الوقوع في ما يسخط الله تعالى تحت مسمى الاحتفال ، فلابد من تجنب التبذير غير المبرر على مظاهر الاحتفال ولابد من الالتزام بالضوابط الشرعية وتجنب انفاق الأموال على الفرق الغنائية والاستعراضات التي تخالف ما أمر الله تعالى به، ولتكن لنا عبرة في من بدلوا نعمة الله تعالى بالمعاصي!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى