آراءدولي

الحساوي :البادي أظلم!

 د. وائل الحساوي :

وائل الحساوي
وائل الحساوي

عن عروة بن مسعود الثقفي – رضي الله عنه – حين فاوض النبي – صلى الله عليه وسلم – في صلح الحديبية، فلما رجع الى قريش قال: «اي قوم! والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ان رأيت ملكا قط يعظمه اصحابه ما يعظم اصحاب محمد محمدا، والله ان تنخمَّ نخامةً إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، واذا امرهم ابتدروا امره، واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، واذا تكلم خفضوا اصواتهم عنده، ومايحدُّون النظر اليه تعظيما له»، رواه البخاري.

هذا الحديث يبين منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند اصحابه وهي منزلة لم يصلها بشر من قبل من حب واحترام وطاعة، وعدم السماح لكائن من كان بالتكلم عنه او المساس به بسوء، وهو مصداق قوله تعالى: «ورفعنا لك ذكرك»، وقد انتقل ذلك الحب والتعظيم الى معظم المسلمين جيلا بعد جيل لان الرسول صلى الله عليه وسلم يمثل لهم الرسالة التي يحملها عن رب العالمين.

لا اعلم لماذا لا يدرك الغرب تلك الحقيقة الواضحة عند المسلمين وعلاقتهم برسلوهم!! ولماذا يبررون السماح لبعض الاعلاميين عندهم بالتعرض له والاستهزاء به بأنه من باب الحرية الشخصية التي لا يستطيعون منعها!

لقد شاهد العالم ردة فعل المسلمين على (سلمان رشدي) عندما نشر كتابه (آيات شيطانية) الذي طعن فيه بالاسلام وبالرسول، وبدلا من ايقافه ومنعه فقد تمت مكافأته وحمايته ونشر كتابه، ثم شاهدنا (تسليمة نسرين) من بنغلاديش التي طعنت في الدين الاسلامي، فما كان من الغرب إلا مكافأتها واعطاؤها اعلى وسام للجمهورية الألمانية ثم شاهدنا ما نشرته جريدة دنماركية عام 2005 في الدنمارك من رسوم كاريكاتيرية تستهزئ بالرسول صلى الله عليه وسلم (12 رسما) ومنها تصوير الرسول وهو يلبس عمامة سوداء مليئة بالمتفجرات، وهو اتهام للاسلام بالتطرف والارهاب!! وقد كانت ردات فعل المسلمين في جميع بلدان العالم عنيفة وغاضبة، ثم جاء اغتيال محرري (شارلي ايبدو) ليمثل قمة الغضب لقد كانت ردات الفعل تلك كافية لردع الغرب عن التمادي في غيهم، ولكن بدلا من التراجع، شاهدنا الفرنسيين يطبعون ملايين النسخ من المجلة وعلى غلافها صورة كاريكاتيرية قبيحة لرسول الاسلام وهو يبكي على المجلة وكأنما هو تحد للمسلمين!

ان الاحتجاج بحرية التعبير هو احتجاج ساقط، فحرية التعبير تقف حيث تأتي حرية الآخرين، وها هي اوروبا تشدد العقوبة على كل من يتجرأ على التشكيك في مذبحة الهولوكوست التي يدعي اليهود بأن هتلر قد قتل 6 ملايين منهم خلال فترة حكمه، بل ولم نسمع للغرب اي انتقاد لشخصية دينية مشهورة، فلماذا يستبيح لنفسه فعل ذلك مع المسلمين؟! انه العداء التاريخي المستمر واستحضار الحروب الصليبية التي مرغ فيها المسلمون انوف الاوروبيين بالتراب!

لقد كان بخطاب الرئيس الفرنسي (اولاند) الذي ذكر فيه بأن المسلمين هم ضحية للارهاب وليسوا ارهابيين، لقد كان له وقعه الطيب على المسلمين بشكل عام، كما كان لمشاركة المستشارة الالمانية (ميركل) في مسيرة المسلمين في ألمانيا وقع طيب كذلك، وكنا نتمنى ان تكلل تلك الجهود المباركة بسياسة جديدة لكبح جماح الحاقدين الذين يتسببون في ذبح مواطنيهم بسبب تلذذهم في الاستهزاء بغيرهم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى