آراءدولي

الحساوي: هل نسيتم تقرير رائد؟

وائل الحساوي
وائل الحساوي

د. وائل الحساوي

تعتبر مؤسسة راند الأميركية من اهم المؤسسات المؤثرة في صنع القرار الاميركي وتبلغ ميزانيتها السنوية 150 مليون دولار ويعمل فيها ما يقارب 1600 باحث وموظف تحمل غالبيتهم شهادات اكاديمية عليا.

 وقد جاء تقرير المؤسسة للعام 2004 بعنوان (العالم الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبر) كخطة محكمة لتوجيه الادارة الأميركية نحو التعامل مع العالم الإسلامي حيث قسم التقرير العالم الاسلامي الى ثلاثة اقسام (السلفية والمعتدلة والراديكالية) وقسم المسلمين الى (اصوليين وتقليديين وحداثيين وعلمانيين) ووجه القيادات الى كيفية التعامل مع كل فئة منهم، فالاصوليون يجب استئصال شأفتهم، والتقليديون يجب دعمهم ليشككوا بمبادئ الاصوليين.

 ويجب دعم الصوفيين واصحاب العقائد المنحرفة لتمكينهم من التشكيك بمبادئ الاصولية، ويجب دعم الفئة المنفتحة من هؤلاء التقليديين، اما التقرير الاخطر لمؤسسة راند والصادر العام 2007 بعنوان (بناء شبكات مسلمة معتدلة) ويقع في 217 صفحة، والذي اثار ضجة كبيرة فقد قدم تعريفا اميركيا لمفهوم الاعتدال، فالمسلم المعتدل هو من يرفض الشريعة ويؤمن بالعلمانية، ويقسم المعتدلين الى ثلاثة انواع:

 1ـ العلماني الليبرالي الذي لا يؤمن بدور الدين.

 2ـ اعداء المشايخ ويقصد بهم انصار العلمانية التركية وبعض التونسيين.

 3 ـ الاسلاميون الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديموقراطية الغربية مع الإسلام.

 ثم يقول التقرير بصراحة: ان التيار المعتدل هم من يزورون الاضرحة والمتصوفون ومن لا يجتهدون، ويرى اهمية استعادة تفسيرات الاسلام من ايدي التيار الاسلامي وتصحيحها حتى تتماشى مع واقع العالم اليوم ومع القوانين والتشريعات في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان وقضايا المرأة.

 كما يطالب التقرير الولايات المتحدة الأميركية بصناعة ودعم شبكة من التيار العلماني والليبرالي والعصراني لمواجهة التيار الاسلامي الذي يرى التقرير انه لا يجب التعاون معه او دعمه بأي شكل من الاشكال مهما ادعى الاعتدال.

 كما يوصي التقرير ان تكون الدعوة للاعتدال بعيدا عن المساجد، ويوصي ان يتم استخدام التيار التقليدي والصوفي في مواجهة الاسلام السلفي الوهابي!

 لا يوجد ثوريون معتدلون في سورية !

 في تصوري ان الادارة الأميركية كانت صادقة مع نفسها حين اعلنت أنها ستدعم الثوار السوريين المعتدلين، فقد بحثت عن هؤلاء الثوار ولكن لم تجدهم، فالجيش الحر الذي يعتبر اكثرهم اعتدالا في رأي الإدارة غالبية قادته متدينون ويرددون شعار (ما لنا غيرك يا الله) لا ينطبق عليهم نموذج (راند)، وقد تجاهلتهم الادارة سنتين ولم تقدم لهم الدعم الى ان قامت جماعات اسلامية متدينة وحققت نجاحات كبيرة، فأسقط في يد الادارة الأميركية وجربت طرقا كثيرة للتخلص منهم !

 وللمفاجأة فقد تشكلت على اثرهم اصحاب الرايات السود (داعش والنصرة) ليثبت للاميركان بأنه لا يوجد في العالم الاسلامي كله معتدلون بحسب مواصفات تقرير (راند) الا ان يصرحوا بدعمهم لنظام بشار الاسد فإنه لا يختلف عن نظام نتنياهو وليذهب العرب الى الجحيم !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى