آراءصورة و خبر

الحمود يكتب : ما الإسلامي في «التمويل الإسلامي»؟!

بقلم / حامد الحمود

تميز مؤتمر «المالية الإسلامية.. أطروحة عالمية»، الذي عُقد في الكويت بتاريخ 2 مايو 2018، بتنظيم من البنك المركزي الكويتي، بحضور منوع من قياديين ماليين إسلاميين وبحضور محافظي البنوك المركزية لعديد من دول الخليج. وإن كان هناك مشترك في الخطابات والمشاركات في الحوار من قبل محافظي البنوك المركزية هذه، فهو النقد المقدم إلى أطروحة التمويل الإسلامي بشكلٍ عام.
فقد كان محافظ البنك المركزي الكويتي د. محمد الهاشل واضحاً في نقده للبنوك الإسلامية في تركيزها على المرابحة، حيث قال: «بحسب مسوحات مجلس الخدمات المالية، يتركز حالياً 68 في المئة من كل أصول البنوك الإسلامية في منتج المرابحة.. كما أن الأصول المعروضة للمرابحة ما هي إلا سلع استهلاكية لا تسهم كثيراً في التنمية الاقتصادية». أما محافظ البنك المركزي البحريني فقد نبَّه إلى أن «أصول المؤسسات المالية الإسلامية معرضة للخطر، وهناك ضرورة لمعالجة هذه المخاطر». كما أضاف المعراج أن هناك ملاحظات وشكوكا إن كانت الممارسات والأدوات المالية المستخدمة في التمويل الإسلامي تتواءم مع مقاصد الشريعة الإسلامية. وأضاف: «إنه رغم انتشار الصيرفة الإسلامية في دول العالم، خصوصاً غير المسلمة، فإن هناك مهمة أصعب حول إمكان توضيح هذا القطاع في تلك الدول.. وما يهمنا هو: كيف نوجِّه الصناعات المالية الإسلامية لتعكس مبادئ الإسلام الحق».
يذكرني هذا الانتقاد للتمويل الإسلامي، خصوصاً ذلك المصرح به من قبل محافظ البنك المركزي الكويتي د. محمد الهاشل من عدم إسهام البنوك الإسلامية في التنمية في الكلمة التي ألقاها الشيخ الدكتور عجيل النشمي في المؤتمر الفقهي حول التمويل الإسلامي الذي نظمته «مشورة» في ديسمبر 2017 في الكويت، مبدياً ضعف دور البنوك الإسلامية في التنمية، مذكراً بأن: من أهم أهداف المؤسسات المالية الإسلامية الربط بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية هي الفريضة الغائبة أو التي تكاد تغيب عن اهتمامات المؤسسات المالية الإسلامية. ولا ريب أن تحقيق الربح هدف أساسي لكن التنمية الاجتماعية هي الهدف الأسمى وذلك باهتمامها بتمويل المشاريع الإنتاجية ذات النفع الاجتماعي العام. وهي بهذا تسهم مساهمة مؤثرة في التكافل الاجتماعي ومحاربة الفقر والبطالة. وحل مشكلات مجتمعاتنا السكنية والصحية والتعليمية، ثم إن التنمية المجتمعية هي التي تحقق مقصد قوله تعالى: «كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ».
لذا يمكن الاستنتاج أن هناك بعض التمايز أو الخلاف أو ربما التوتر بين رؤية القائمين على البنوك المركزية، وبعض المراجع الدينية من جهة وأصحاب القرار أو الملاك الرئيسيين في البنوك الإسلامية. وحتى في هذا المؤتمر الذي نظمه بنك الكويت المركزي في 2 مايو 2018، أبدى الشيخ د. عبدالعزيز القصار تحفظاً على وجود ضغوط لاختصار الدورة المستندية مما قد يمرر ما لا يتواءم مع الشرع. ولاحظت أن تحفظ الشيخ القصار جلب تصفيقاً من الحضور، مما يعكس احباطاً لدى العاملين في البنوك الإسلامية.
فيبدو أن تحفظات او إحباطات الشيخ الدكتور عجيل النشمي ليست حالة انفرادية، وإنما تشير إلى شعور محبط بضعف التعبير عنه لدى بعض المستثمرين أو العاملين في البنوك الإسلامية. هذا ولا بد من الإشارة إلى أن عريف المؤتمر كان السيد أكسيل ثيرلفول من وكالة أنباء رويترز، وأن اللغة الرسمية في المؤتمر كانت الإنكليزية. وهذا اعتراف ضمني من قبل البنك المركزي الكويتي أن «صناعة» التمويل الإسلامي وإن كان راويها هما بنك دبي الإسلامي 1975 وبيت التمويل الإسلامي عام 1978، إلا أنها طورت من قبل البنوك الغربية، وعلى يد خبراء في التمويل من غير المسلمين. وينعكس هذا في الأبحاث والكتب المنشورة حول الاقتصاد والتمويل الإسلامي، فغالبيتها العظمى منشورة باللغة الإنكليزية. وعندما أعددت بحث الدكتوراه خلال الفترة 1999 – 2004 وجدت أن أغلبها كان من قبل اقتصاديين باحثين في التمويل من غير المسلمين يعملون بدعم من بنوك غربية.
فالحقيقة التي يفضل الكثيرون عدم الاعتراف بها، هي أن التمويل الإسلامي وإلى حد كبير «اختراع» قدمته البنوك الغربية للمجتمع الاقتصادي الإسلامي في عصر الصحوة لتوجيه إدارة أموال المسلمين. لذا وكما وضح محافظ البنك السعودي الدكتور أحمد عبدالكريم الخليفي في مداخلته أنه في السعودية لا يسمح بأن يتضمن اسم البنك كلمة «إسلامي». فليس في السعودية بنك يطلق عليه اسلامي، وإنما يضاف أنه يتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية لكن دون أن تكون كلمة «إسلامي» جزءاً من الاسم.
ويبقى التساؤل.. ما الإسلامي في التمويل الإسلامي؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى