“الخارجية الفلسطينية”: قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين جريمة حرب تهدد النظام الدولي

أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين الذي أقرته لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي يمثل تحولًا نوعيًا في مسار الإجرام المنظم ضد الشعب الفلسطيني، ويُعد وفق القانون الدولي جريمة حرب مكتملة الأركان.
وقالت الوزارة، في بيان رسمي مساء أمس الاثنين، إن “النظام القضائي الإسرائيلي والكنيست ما هما إلا أدوات إضافية للاحتلال لتشريع الجرائم والإفلات من العقاب”، مضيفة أن قانون الإعدام المقترح ليس سوى قرار بالإعدام الميداني خارج نطاق القانون، واستكمال لسياسة الإبادة الجماعية التي طالت قطاع غزة وتمتد اليوم إلى الضفة الغربية بما فيها القدس.
وأكد البيان أن هذا التشريع المقترح يشكّل إعلانًا رسميًا عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بغطاء قانوني من المؤسسة التشريعية الإسرائيلية، وأن تمريره “يمثل سقوطًا أخلاقيًا جديدًا للمنظومة القانونية الإسرائيلية، ويُعرّي عمق التحول نحو التطرف والعنصرية داخل الدولة العبرية”.
وشددت الخارجية الفلسطينية على أن أي صمت دولي أو تراخٍ في مواجهة هذا المسار الخطير سيُعد تواطؤًا مباشرًا في جريمة الإعدام خارج نطاق القضاء، داعية المجتمع الدولي إلى تحرك فوري لتفعيل أدوات المحاسبة الدولية، وإدراج أعضاء الكنيست الذين دعموا المشروع على قوائم الإرهاب الدولية، ومقاطعة المؤسسة التشريعية الإسرائيلية بصفتها “إطارًا تشريعيًا منتجًا للفاشية”.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر إسرائيلية أن لجنة الأمن القومي في الكنيست صادقت اليوم على مشروع القانون الذي يفرض عقوبة الإعدام إلزاميًا على من يدان بقتل إسرائيلي بدافع قومي أو عدائي، تمهيدًا للتصويت عليه بالقراءة الأولى الأربعاء المقبل.
القناة 12 الإسرائيلية نقلت عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه أعطى الضوء الأخضر للمضي في التشريع، فيما قال وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، صاحب المبادرة، إن “الوقت قد حان لتحقيق العدالة”، مؤكدًا أن العقوبة يجب أن تكون إلزامية دون أي سلطة تقديرية للمحاكم.
من جانبها، أدانت حركة حماس الخطوة الإسرائيلية، معتبرة أنها تأتي في إطار “الشرعنة الرسمية لسياسة الإعدام الميداني التي تنتهجها إسرائيل منذ عقود”.
كما أوضح نادي الأسير الفلسطيني أن سلطات الاحتلال “مارست فعليًا الإعدام خارج نطاق القانون ضد الفلسطينيين على مدى سنوات طويلة”، معتبرًا أن تشريع القانون لا يغيّر جوهر الممارسة بل يمنحها غطاءً قانونيًا زائفًا.
تحليل استراتيجي
يرى مراقبون أن مشروع القانون يشكل سابقة خطيرة في منظومة التشريعات الإسرائيلية، إذ يكرّس تمييزًا عرقيًا مؤسسًا ويُقوّض ما تبقى من التزامات إسرائيل بموجب اتفاقيات جنيف الأربع.
ويعتبر محللون أن تمرير هذا القانون قد يفتح الباب أمام ملاحقات قضائية دولية جديدة بحق مسؤولين إسرائيليين، خاصة في ظل تزايد الأصوات المطالبة بإحالة الجرائم الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويحذر خبراء في القانون الدولي من أن “إقرار عقوبة الإعدام على أساس قومي” ينقل إسرائيل من خانة الدولة المحتلة إلى دولة تمارس الفصل العنصري علنًا، مما سيُعمق عزلتها السياسية ويزيد من الضغوط الدولية عليها.
خاتمة
تضع هذه التطورات العالم أمام اختبار أخلاقي وقانوني صارم: إما أن يتحرك المجتمع الدولي لحماية مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، أو أن يسمح بتحويل القانون الإسرائيلي إلى أداة للإبادة الممنهجة.
وبين خطاب “العدالة” الإسرائيلي ومطلب “الكرامة” الفلسطيني، تتضح ملامح مرحلة جديدة من الصراع، لا تُقاس فقط بعدد الضحايا، بل بمدى قدرة القانون الدولي على الصمود أمام واقع القوة والهيمنة.



