منوعات

الحمد والشكر

موجز حماك:تنزيل (3)

الحمد هو الثناء باللسان، والثناء على كل جميل.

وأما الشكر فمورده اللسان والعمل، قال جل وعلا: {أَن اشْكُرْ لي ولوالدَيكَ} [لقمان:114]

فمعنى الشكر: الاجتهاد في بذل الطاعة مع الاجتناب للمعصية في السر والعلانية

الشكر هو الاعتراف في تقصير الشكر للمنعم، ولذلك قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً} [سبأ :13] (تفسير القرطبي 1/398).

قد ورد الشكر في كتاب الله تعالى على وجهين :

الأول : من الرب لعبده،

الثاني : من العبد لربه.

أما الأول: فقد ورد في بعض الآيات أن الله تعالى سمى نفسه شاكراً وشكوراً، فقال تعالى: {إنَّ ربَّنَا لغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:34]، وقال تعالى: {ومَنْ تَطوَّعَ خيراً فإنَّ اللهَ شَاكرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:158]، ذلك أن الله تبارك وتعالى لما كان يجازي عباده على أفعالهم ويثيبهم على أقل القليل منها ولا يضيع لديه تبارك وتعالى عَمَلُ عامل كان شاكراً ذلك لهم أي : مقابلاً له بالجزاء والثواب.

وللشكر أهمية كبرى ومنزلة عظمى، فهو قيد للنعم الحاضرة، ومجلبة للنعم المفقودة، قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُم لأزيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُم إنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7]، وعن الْمُغِيرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: “إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه فيقال له فيقول: «أفلا أكون عبدًا شكورًا»” (صحيح البخاري 1/380، ك: أبواب التهجد، ب: قيام النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 4556، 6106، و أخرجه مسلم 8/141، ك: صفات المنافقين وأحكامهم، ب: إكثار الأعمال والاجتهاد رقم 2819)، ومما يدل على قيمة الشكر أن إبليس جعل غايته أن يسعى في قطع الناس عنه، قال تعالى: {ثمَّ لآتينَّهُم منْ بينِ أيْديهمْ ومنْ خَلفهِم وعنْ أيْمانهِم وعنْ شَمائِلهمْ ولا تجدُ أكثَرهمْ شَاكِرينْ} [الأعراف:17]، وفي الحديث عن صُهَيْبٍ قَالَ:”قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»” (صحيح مسلم 8/227، ك: الزهد والرقائق، ب: المؤمن أمره كله خير، رقم: 7692).
والشكر والإيمان صنوان، كما أن الكفر وعدم الشكر صنوان، قال تعالى: {ولقدْ آتَينَا لُقْمانَ الحكمةَ ان اشكرْ للهِ ومَنْ يشكُرْ فإنَّما يشْكرُ لنفسِهِ ومنْ يكفُرْ فإنَّ اللهَ غنىٌّ حَميدٌ} [لقمان:12].

إذن فالحمد لا يرادف الشكر، فالحمد كما ذكر ابن سيدة في الفروق اللغوية: هو الثناء باللسان على الجميل، سواء تعلق بالفضائل كالعلم، أم بالفواضل كالبر. وأما الشكر: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لأجل النعمة، سواء أكان نعتاً باللسان، أو اعتقاداً، أو محبة بالجنان، أو عملا وخدمة بالأركان… ​

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى