الرجيب:حرب عالمية ثالثة من نوع جديد


بقلم/ وليد الرجيب
اعترف الرئيس الأميركي «باراك أوباما» أنه أخطأ في تقديره لقوة الدولة الإسلامية وخطرها في كل من سورية والعراق، وان القصف الجوي قد استنفد أهدافه مبكراً، وقال في حديث لمحطة «سي بي سي»: «أن المقاتلين الذين طردتهم القوات الأميركية من العراق توجهوا إلى سورية، وتجمعوا ليشكلوا تنظيمات أكثر قوة تحت مظلة” أبو بكر البغدادي” ودولته .
ورغم أنه من المفترض أن الوقت مبكر على مثل هذا الاعتراف، إلا أن الطائرات الأميركية التي تقود التحالف الدولي ارتكبت وسترتكب مزيداً من الأخطاء على الأرض ومزيداً من التقديرات الخاطئة، خاصة مع إطالة أمد الضربات الجوية، فلا بد للأمريكان من خوض حرب برية لا أحد يعلم متى ستنتهي؟
فقصف تنظيمي «النصرة» و«أحرار الشام» اللذين يحاربان تنظيم الدولة الإسلامية والنظام السوري، سيضعف المقاومة ضد نظام الأسد، وقد تتوحد التنظيمات الإسلامية المتشددة ضد الغزو «الصليبي»، وقد ينظم عدد من المتطوعين والمتطوعات إلى القتال والجهاد مع الدولة الإسلامية، فبعض الإحصاءات الغربية تشير إلى أن عدد النساء والفتيات الفرنسيات التي تصل أعمار بعضهن من 16 إلى 24 سنة هن الأكثر تطوعاً بل إحداهن تبلغ 13 سنة، تليهن الفتيات الإنجليزيات ثم بقية الدول الغربية، هؤلاء المتطوعات يجدن في الزواج من مجاهد والقتال بجانبه أمراً رومانسياً، كما يجدن في قطع الرؤوس أمراً مثيراً، إضافة إلى إغراءات أخرى من خلال وسائل التواصل الإلكتروني.
لقد حشد أوباما أربعين دولة في هذا التحالف الغربي – العربي، ومع ذلك فكل المليارات من الدولارات قد أنفقت هباءً، إذ غيّر المجاهدون تكتيكهم فلم يعودوا يتجمعون في مكان واحد، إنما تفرقوا واختفوا بين الناس، وحتى طائرات التورنيدو البريطانية عادت إلى قواعدها في قبرص دون طلقة واحدة لأنها لم تجد أهدافاً تقصفها، بينما قصفت الطائرات الأميركية صوامع الحبوب ومعملا للغاز في دير الزور، ما يعني حرمان الشعب السوري من الخبز والوقود في الشتاء المقبل، وهذا سيثير الغضب والاستياء بينهم، وسيعتبرون أن لا جدوى من التدخل الخارجي الذي أصبح وبالاً عليهم وعلى أطفالهم وعلى الأبرياء من المدنيين .
وقد صرح قائد الجيش البريطاني السابق الجنرال ديفيد ريتشارد لصحيفة «التايمز» قائلاً: «إن الأمر يحتاج إلى مئة ألف مقاتل على الأرض لمواجهة الدولة الإسلامية، وإلا فإن الحرب ستستمر إلى الأبد»، وهذا يعني حرباً عالمية ثالثة من نوع جديد، ستستخدم فيها حرب العصابات التي لن تستطيع الجيوش النظامية القضاء أو الانتصار عليها .
لكن هل يرفض القادة السياسيون أوامر الصيارفة وأصحاب البنوك أو الرأسماليين الماليين؟ فمن سيحارب ويقتل هم أبناء الفلاحين والعمال والبسطاء من الشعوب، بينما يتفرج هؤلاء الرأسماليون على الحرب من خلال البث المباشر للأقمار الصناعية، وكأنهم يشاهدون مباراة كرة قدم ممتعة .
إن أول الغيث في هذه الحرب هو انخفاض حاد في أسعار النفط، وهذا يعني أن دولنا التي تعتمد على مصدر وحيد للدخل، قد ترفع الدعم الاجتماعي عن شعوبها وستزيد من رسوم الخدمات وستفرض ضرائب، لترضي سلاطين المال في الدول الرأسمالية، وفي كل الأحوال نحن الضحية مرتين، مرة عندما صنعت الولايات المتحدة والغرب قوى الإسلام السياسي ودعمتها بعض الدول العربية لتدمير مجتمعاتنا، ومرة ثانية سنكون ضحية لتداعيات هذه الحرب العبثية ضد الإسلام السياسي الجهادي .