آراءمحلي

الرشيدي: ميسي وقانون المطبوعات

ذعار الرشيدي
ذعار الرشيدي

ذعار الرشيدي – الأنباء:

مطالباتنا دائما وأبدا هي تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير، وطبعا دون انتقائية، ولكن من الملاحظ أنه عند أي محاولة جادة لتطبيقه تظهر أصوات بيننا تقول مدافعة عمن تمت إحالته لأي سبب بموجب القانون: «إن هذا قامة سياسية لا يجب المساس بها»، و«ذاك قامة أدبية لا يجوز الاقتراب منه»، و«تلك أسطورة شعبية إياكم وتطبيق القانون عليها»، وكأننا نقول ولو ضمنيا إننا نعترف بل ونؤيد وجود مفهوم «أشخاص.. فوق القانون»، أشخاص لا تسري عليهم مواد القانون، بل بالأصح أشخاص يحملون «حصانة ضد تطبيق القانون عليهم»، وهذا الأمر لا يصح ولا يستقيم مع منطق دولة القانون التي طالما يتمناها الجميع.

****

هذا ولا شك جزء من ثقافتنا الشعبية الراسخة التي تخلق وهم وجوب وجود أشخاص لا يفترض أن ينطبق عليهم ما ينطبق على سائر الخلق، أشخاص وإن أخطأوا فـ «من غير اللائق» مساءلتهم، في القانون لا يوجد ما هو لائق وغير لائق، لا توجد مادة في القانون تحدد مفهوم «اللياقة في تطبيق القانون»، القانون مسطرة، إذا أخطأت فيجب أن تساءل باعتبارك بريئا حتى يثبت العكس، وإن ثبتت براءتك فيحق لك أن تعود بقضية رد اعتبار على من اتهمك زورا وبهتانا.

****

وزارة الإعلام ولا شك أخطأت في إجراءات تطبيق التنسيق فيما بين إداراتها فيما يتعلق بإجازة عدد من الأعمال الخاضعة للإنتاج التنفيذي التي عرضت رمضان الماضي، لذا جاء جزء من تصحيح ذلك الخطأ ما استوجب «قانونيا» تحويل عدد من شركات الإنتاج الفنية إلى النيابة العامة، وفق قانون الإعلام والمرئي «سيئ الذكر» وتحديدا المادة 14 منه التي تخضع بموجبها جميع شركات الفن إلى شرط الحصول على إجازة مسبقة من الوزارة قبل البدء في تصوير أعمالها وهو ما خالفته شركات الإنتاج».

****

الأمر هنا تطبيق لقانون معمول به، لم يكن من خطأ هنا، و«الإعلام» أحالت 13 شركة إنتاج فني لمخالفتها المادة 14 من قانون المطبوعات، وبالمناسبة أغلقت شركتين منها لعدم التزامهما بكامل القانون.

****

الوجه الآخر للقصة، أن كثيرا من النواب والساسة والمواطنين لطالما طالبوا وزارة الإعلام بضرورة فرض نوع من الرقابة على المسلسلات الكويتية، التي ظلت ولأكثر من 15 عاما تصدر صورتنا للعالم العربي كـ «شعب رايح فيها» ونحن شعب أكرم مليون مرة مما صورتنا به بعض تلك المسلسلات التي استغل أصحابها ضعف رقابة وزارة الإعلام وقاموا بتصوير وبث مسلسلات أساءت لسمعتنا لأكثر من 15 عاما، واليوم وعندما أرادت وزارة الإعلام ضبط هذا الأمر بالرقابة المسبقة اللاحقة على النص وعلى التصوير، اعترض الجميع وكأنها جاءت بمصيبة، ما أعلمه أن وزارة الإعلام قامت قبل دخول شهر رمضان بشهر كامل بمخاطبة جميع شركات الإنتاج الفني عبر كتب رسمية تطالبهم فيها بتطبيق القانون وضرورة عرض الأعمال بعد تصويرها وقبل بثها، وهو ما لم تلتزم به شركات الإنتاج، فقامت وزارة الإعلام بدورها وفق حدود القانون.

****

مشكلتنا أننا نريد تطبيق القانون، ونطالب بتطبيق القانون، ولكن عندما يتم تطبيقه تقوم قيامة البعض.

****

كثيرون وفي أغلب أحاديثهم وتصريحاتهم يطالبون بأن نحذو حذو الدول الغربية في تطبيق القانون، والتي تطبق القانون على الجميع، ففي الولايات المتحدة تم استدعاء الرئيس بيل كلينتون أمام لجنة التحقيق فيما عرف بفضيحة مونيكا، لم يخرج الديموقراطيون بمظاهرات منددة ولم يغلقوا الشوارع وتركوا الأمور تأخذ منحاها القانوني، الأسطورة الأرجنتينية ميسي لم «تحصنه» جماهيريته ولا شهرته أمام القانون عندما أحيل بتهمة التهرب الضريبي، قبله نجم البرازيل روماريو وقبلهما مارادونا وهما اللذان جلبا فخر كأس العالم لبلديهما اتهما وأدينا بالتهمة ذاتها.

****

توضيح الواضح: القانون لا يعرف من أنت… بل يعرف ماذا فعلت.

****

توضيح الأوضح: عمي الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، الفاضلتين الرائعتين سعاد عبدالله وحياة الفهد، والله إن ما حصل لم يغير من محبتكم في قلوبنا شيئا، هو مجرد إجراء قانوني كما رآه الجميع، تاريخكم محفور في ذاكرتنا، كل ابتسامة رسمتموها على شفاهنا نحن مدينون لكم بها، كل ضحكة انتزعتموها من صدورنا لكم حق علينا بها، أنتم أعمدة الفن الراقي، بل أعمدة الفن الخليجي ورواده، وستبقون كذلك، محبتنا لكم وتقديرنا لكم لا يتغيران ولن يتغيرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى