

شوارح حماك:
لكل دولة نظام مروري خاص بها قد يتفق أو يختلف مع غيرها من الدول أحياناً.. تحديد الشوارع.. أماكن منحنيات الالتفاف.. أماكن اشارات المرور.. تحديد أماكن الوقوف وعدمه.. الجسور والتقاطعات ونظام السير فيها.. كل هذه أنظمة تحددها الدولة وعلى الجميع الالتزام بها فليس لأحد ان يحدد هو مكان الشارع في الدولة أو طريقة السير فيه ولا أماكن اشارات المرور أو نظامها.. بل هذا خاص بالدولة وتفعله حماية للنظام العام للمرور وتسهيل استخدام الطرق.. مثل أنظمة المرور كذلك أنظمة التجارة وفتح المحلات وشروطها.. هناك نظام وشكل وصبغة للدولة على الكل الالتزام بها للحفاظ على حسن سير العمل وعدم الاضرار بالغير.
دينياً.. يجب ان يكون للدولة أيضاً صبغة ورأي وفكر وفتوى يلتزم الجميع بها عملياً.. أقول عملياً لا فكرياً.. لان لكل انسان ان يعتنق ما يشاء من أفكار فالدولة لا تلزم أحداً لابدين ولا بمذهب ولا بفكر.. لكن تلزمك بعدم مخالفة القانون بنشر ما يخالفه أو بالدعوة اليه.
اليوم ونحن نعاني من أفكار متطرفة تنتشر في جميع البلاد وفتاوى وآراء دينية قد تكون أخطر علينا من تلك الأسلحة الفتاكة.. أحوج ما نحتاج الى تحرير المفاهيم.. فمفهوم مثل مفهوم «الجهاد» قد يختلف فيه الناس اختلافاً كبيراً الى حد التناقض.. ما يراه أناس جهاداً يراه غيرهم عملاً اجرامياً يخالف كل مفاهيم الأديان.
وقد لا نصل بسهولة الى الاتفاق على معاني هذه المفاهيم.. فيبقى أنه يجب ان يكون للدولة «صبغة دينية» يلتزم الجميع بها عملياً ولا يخالفها أحد والا كان كمن يريد ان ينشأ لنفسه نظاماً خاصاً به للمرور!! لكل دولة اليوم وزارة أوقاف وشؤون اسلامية وهيئة فتوى.. المفروض ان هؤلاء هم من يمثل الدولة في صبغتها الدينية لا أحد غيرهم.. ما تراه الدولة جهاداً فهو جهاد وما تراه غير ذلك فهو كما قالت.. كل المسائل الدينية يجب ان تخضع عملياً لرأي الدولة.. أما الخلاف معها فكرياً فهو جائز ما لم يخالف القانون بنشر الدعوة الى ما يخالف رأيها!
احدى أهم اسلحة هدم كيانات الدولة اليوم هو اتلاف «صبغتها الدينية» واحدى أهم هذه الاسلحة الهدامة هو الاساءة الى المؤسسات الدينية العريقة كالأزهر الشريف في مصر وهيئة كبار العلماء في السعودية فقد استطاع هذا الفكر المتطرف من اسقاط مكانة هذه المؤسسات العريقة وأصبحوا ينعتونهم «بعلماء السلطة» للتقليل من شأنهم وابعاد الناس عن مرجعيتهم.
فرض الصبغة الدينية للدولة يحمي المجتمع من تلك الافكار المتطرفة التي تفتك بمجتمعاتنا.. وأكرر فرضها عملياً لا دخل له بحرية الفكر أبداً.