شـؤون خارجيةصورة و خبر

السجائر المحلية العربية.. أخشابها تكفي لتأثيث منزل

موجز حماك 563048df-3b99-446a-83ab-6b5a89d36366

تشترك السجائر المحلية العربية في عناصر عدة، أولها ارتباطها بالحالة الاقتصادية الصعبة لكثير من أبناء الوطن العربي. ويعتبر وصف “معشوقة البروليتاريا” هو الأوسع انتشاراً، مهما تعددت صوره البلاغية واختلفت اللهجات.
فسعرها الزهيد بقي المشترك الأوسع لكل تلك الأنواع، التي نالت حظاً من الشهرة والحب والسخرية، وارتبطت بالكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية، وحفلت بها النكات والاستعارة والطقوس، منذ أن بدأت تلك الصناعة في الوطن العربي أواخر القرن التاسع عشر.
وقبل أن ينهي أحدهم سيجارة سوبر كليوباترا المصرية أو الحمراء السورية، نكون قد مررنا في جولة سريعة على بعض العواصم العربية، راصدين طعم الدخان المحلي في كل من مصر وسوريا والمغرب وتونس وليبيا. وأشهر العبارات والاستعارات الساخرة، التي تعكس جانباً من ثقافة العرب في التعاطي مع تلك الصناعة.

سوبر كليوباترا: سيجارة العمر الطويل
أشهر أنواع السجائر محلية الصنع في مصر، التي نمت حولها الكثير من النكات والعبارات الساخرة، التي يرددها المصريون فور ظهورها في أي مكان، لا يختلف ثمنها كثيراً عن قريناتها، كالكليوباترا العادية، الأوسع انتشاراً. لكنها تميزت بأنها الأطول بينها.
لذا فإن أشهر الأوصاف التي ظلت لصيقة بها هو “سيجارة العمر الطويل”، ولا تضاهيها ثقلاً مثيلاتها الأجنبية، لاحتوائها على نسبة كبيرة من النيكوتين والقطران والعيوب.
ارتبطت سوبر كليوباترا، التي تصدرها الشركة الشرقية للدخان، التي تأسست في مصر عام 1920، بالكثير من الطقوس في حياة المصريين. فهي سيجارة “أيام الامتحانات”، أيام السهر والليالي الطويلة، وصعوبة الحصول على المال في تلك الأثناء، سواء من الأهل أو العمل. لذا فإن الحصول على سجائر أجنبية أمر صعب المنال، وكثيراً ما يردد الطلبة “المنهج خلص والعلبة لسه مكملة”.
وتشترك السوبر ذات العلبة الذهبية اللون، مع السجائر المحلية العربية كونها سيجارة العمال، وسيجارة “الأيام السودة”، حين يعاني أحدهم حالة من الإفلاس والبطالة. حينها تصبح هي الاختيار الأنسب، والصديق الأقرب في مشاوير البحث عن العمل.

الحمراء: السيجارة السياسية
النسخة السورية من سوبر كليوباترا، والتي يبدو أنها تحوي القدر نفسه من “الأخشاب التي تكفي لتأثيث منزل”، حسب ما يتندر الكثيرون. ولكن مع تصاعد الأزمة السورية، نالت سيجارة الحمرا نصيباً من الحرب، بل صارت الأخيرة تشبّه بها.
فهي “طويلة وما إن تنطفىء حتى يشعلها أولاد الــ…”، فأصبحت تلك العبارة على اختلاف صياغاتها، والأوسع انتشاراً في الفضاء الإلكتروني، الذي بات يجمع السوريين في أنحاء الأرض، تعبيراً عن أزمة بلادهم. وبالطبع فإن الكثيرين يخرجون بصياغات لا تخلو من الشتائم لأطراف الأزمة من السياسيين.
وفي علبتها ذات اللون الأحمر، تمتاز الحمراء التي تنتجها المؤسسة العامة للتبغ، بأنها الأطول والأرخص سعراً بين مثيلاتها في سوريا. وتنتشر حولها الكثير من العبارات الساخرة، التي تدل على ارتباط السوريين بها. فهي السيجارة التي “تراعي ظرفك المادي مو متل المدام”، و”إذا نسيتا شغالة… لحالها بتطفي… إنساني ما بنساك”، ولكنها أيضاً تشبه الواقع الحالي كثيراً في ظنهم، فهي “بلا طعم ورائحتها سيئة ولا تنتهي”.

 

وعلى الرغم من الأوضاع المأسوية، يقول السوريون إن الأزمات ستنتهي يوماً ما، ويعدون شروط نهايتها، أهمها على الإطلاق أن “الأزمات ستنتهي حين يتمكن مدخن الحمرا أن ينفض السيجارة في المنفضة مو (ليس) عن تيابه”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى