السعدون : حتى لا تُطْمَس الحقائق

رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون
حتى لا تُطْمَس الحقائق ولا يُزوَّر التاريخ
ليست هذه محاولة لكتابة ولو جزء يسير من تاريخنا المُعاصٓر، فلهذه المسؤولية الكبيرة والخطيرة والحسّاسة مُتخصّصِيها الذين نسأل الله العلي القدير لكل من يتصدى لها منهم التوفيق والسداد والنجاح في تدوين وحفظ حقائق التاريخ.
وإنما أحاول هنا فقط أن أسجل بعض – وليس كل – ما يجب أن يبقى حيّا من الحقائق حتى لا يطمسها النسيان أو التناسي أو الحماس – وخاصة ما يتعلق منها بموقف السلطة من الدستور والنظام الديمقراطي ومن ذلك تزوير انتخابات ١٩٦٧ وما وقع من السلطة في عام ١٩٧٦ وعام ١٩٨٦من تعليق لبعض مواد الدستور مما أدى إلى تعطيله ومن حل غير دستوري للمجلس مما أدى إلى سلب إرادة الأمة كما نصت عليها المادة السادسة من الدستور ومن قمع للحريات العامة بما في ذلك حرية التجمع وحرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي ومن ملاحقات واعتقالات سياسية – ويزوّر جزء من تاريخ عاصرناه.
ومن غيرإسهاب مُمِل ولا إيجاز مُخِل ، أسجل هنا في هذا الشأن فقط الأمور والتصرفات التالية:
– التزوير الغبي الذي وقع في ٢٥ من يناير ١٩٦٧ أي في ثاني فصل تشريعي تجري انتخاباته بعد إقرار الدستور عام ١٩٦٢ وهو التزوير الذي أدى إلى استقالة عدد من الذين أُعلِن فوزهم احتجاجا على تزوير السلطة للإنتخابات.
– تعليق بعض مواد الدستور مما أدى إلى تعطيله وحل مجلس الأمة عام ١٩٧٥ بالمخالفة لأحكام الدستور والتفرد بالسلطة وسلب إرادة الأمة باعتبارها مصدر السلطات جميعاً كما نصت على ذلك المادة السادسة من الدستور.
– محاولات المساس بسلطات مجلس الأمة وتحويله إلى مجلس استشاري وذلك من خلال مقترحات تنقيح الدستور التي قدمت للجنة النظر بتنقيح الدستور عام ١٩٨٠ والتي رفضت اللجنة المعينة من السلطة العديد من هذه المقترحات.
– تعديل قانون الإنتخاب في غياب مجلس الأمة “وتفتيت” الدوائر الإنتخابية من (١٠) دوائر إلى (٢٥) دائرة في محاولة للتحكم في مخرجاتها لضمان تحقيق أغلبية “الثلثين” لتمرير مقترحات تنقيح الدستور وتفريغه من محتواه.
– تقديم مقترحات لتنقيح الدستور إلى مجلس الأمة عام ١٩٨٢ في محاولة لتفريغه من محتواه بعد أن اعتقدت السلطة أن مخرجات الإنتخابات بعد “تفتيت” الدوائر قد حققت لها الأغلبية المطلوبة للموافقة على التنقيح ولكن تصدي الشعب الكويتي بكل مكوناته وشرائحه وتحرك كافة مؤسسات المجتمع المدني والوقفة المبدئية والقوية لجميع القوى الطلابية والعمالية وغيرها ضد محاولات السلطة اضطرتها إلى سحب مقترحات التنقيح على الرغم من تحقيقها للموافقة على هذه المقترحات بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة عندما تم التصويت عليها من حيث المبدأ.
– “تكرار” تعليق بعض مواد الدستور مما أدى إلى تعطيله وحل مجلس الأمة عام ١٩٨٦ للمرة الثانية بالمخالفة لأحكام الدستور والتفرد بالسلطة وسلب إرادة الأمة باعتبارها مصدر السلطات جميعاً كما نصت على ذلك المادة السادسة .
– محاولات التصدي لتجمعات دواوين الإثنين ١٩٩٠/١٩٨٩ ومنعها وقمع المواطنين مما أدى إلى إصابة بعضهم واعتقال بعضهم الآخر ومنعهم من الوصول إلى بعض الدواوين وتطويقها أحيانا بالأسلاك الشائكة ، ومن أمثلة ذلك ما حصل في النزهة وفي الجهراء وفي كيفان وفي الفروانية ، إضافة إلى ما حصل بعد ذلك في الخالدية ثم في العديلية في يوم العيد من استعمال قوات الأمن لمواد دخانية ومسيلة للدموع واعتقال بعض الناشطين.
– الدعوة لانتخابات “المجلس الوطني” المسخ ، (١٩٩٠) وهي الانتخابات التي رفضتها نسبة كبيرة من الشعب الكويتي وقاطعتها.
– تفجر أشهر قضية سرقة للأموال العامة (الناقلات) تم إحالتها إلى القضاء – وإن لم تكن أكبرها – ، وكذلك أكبر قضية سرقة للأموال العامة في ذلك الوقت (الإستثمارات) تم إحالتها إلى القضاء في أكثر من دولة وذلك بعد التحرير.
– دعوة “المجلس الوطني” المسخ بعد التحرير وقبل انتخابات مجلس الأمة مما اعتبر تراخياً في الالتزام بتطبيق أحكام الدستور مما جاء في (ثانيهما) من القرار رقم (٢٠) من البيان الختامي للمؤتمر الشعبي (جدة أكتوبر ١٩٩٠) الذي نص على ما يلي:
– (٢٠) نؤكد أننا بعد أن يتحقق لنا نصر الله على الفئة الباغية ونحرر أرضنا من رجس احتلال النظام العراقي الآثم – سنقوم بعون الله وتوفيقه باعادة بناء كويتنا الحبيبة.. كويت المستقبل .. كويت الأسرة الواحدة.. على أساسين رئيسيين:
أولهما: أن مجتمعنا يقوم على ثوابت أساسية أهمها إسلامية العقيدة والتمسك بها، فالبيت الكويتي الجديد يجب أن يركز على إسلامية التربية والخلق والممارسة لتنشئة جيل مؤمن بربه، مدرك لعظمة الإسلام وصلابته في الحق وسماحة الإسلام في التعامل بين الخلق، متفهم لمعانيه ومواقفه في هذا وذاك. منفتح على العالم، مقبل على مبتكراته, يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويحسن التعايش مع الآخرين وأفكارهم. كما يقوم على الانتماء العربي تاريخا ومشاعر ومصالح عليا، إنساني النزعة يرفض الظلم ويدينه ويؤيد الحق وينتصر له، منارة فكر وحضارة وعطاء، يسهم بخيره في تقدم ونماء الأشقاء والأصدقاء وسائر الشعوب، مؤمن بدوره الإنساني والحضاري.
“””ثانيهما: تمسك الشعب الكويتي بوحدته الوطنية ونظامه الشرعي الذي اختاره وارتضاه والمعتمد على الشورى والديمقراطية والمشاركة الشعبية في ظل دستور البلاد الصادر عام ١٩٦٢م والذي يعتبر الدرع الواقي والضمانة الأساسية لسلامة المجتمع.
والله أكبر، والمجد للكويت،
والله على ما نقول شهيد.””” (انتهى)
– عدم اتخاذ السلطة الإجراءات اللازمة في شأن ما ورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق عن “الغزو العراقي الجائر” وخاصة ما ورد في “الجزء العسكري” من التقرير.
وختاما يقول المولى جل جلاله في محكم تنزيله:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
(ق:٣٧)




