آراءمحلي

الكندري : مدرسة الفشل … أعظم مدرسة 

عبدالعزيز الكندري:عبد العزيز الكندري

أفسدنا حياة أطفالنا وأبنائنا بسبب التكرار وبالكويتي «بالحنة» عليهم ليل نهار بأن يتخصصوا بالطب أو الهندسة فقط لا غير، ومن لا يستطيع الدخول في هذه التخصصات اعتبروه فاشلا، وحتى تتغير طريقة المعاملة على الولد لأن حبهم مشروط بالنجاح وليس للقدرات الفردية أي دخل… وهذا خلل كبير بحد ذاته وكل همهم وشغلهم الشاغل ماذا سيقول الناس عنا! لنعيد شريط الذاكرة لنتذكر كم كنا قساة على أبنائنا بسبب بعض التعثر الدراسي أو عدم التفوق في بعض المواد الدراسية، مع أننا نذكر في المجالس والدواوين ونتحدث عن عظماء كانوا فاشلين بل لم يحالفهم سلم النجاح إلا بعد سنوات من الجهد والمثابرة وقوة الإرادة، ويقول سعد البراك:«إن كنز النجاح تجده في أرض الفشل، هناك أشخاص لم ينجحوا إلا بعد مرور 20 سنة من المحاولات وعندما حققوا النجاح غيروا العالم كله، مثل توماس أديسون الذي حاول آلاف المرات حتى أضاء مصباحه».

وهل تعلم بأن عباس محمود العقاد ومصطفى صادق الرافعي اللذين ألفا وكتبا الكتب والمقالات والأدب الرصين ليس لديهم حتى شهادة الثانوية!، إذن كيف نجحوا وحققوا كل هذا الإرث الأدبي الذي تفخر به المكتبة العربية والعالمية.

ويقول سعد البراك «الفشل أعظم مدرسة، يجب ان نفخر بالفشل، قرر واعمل ولا تقضي العمر كله تخطط، فالفشل هو أعظم أحضان النجاح. والفشل هو فخر، فلابد من الفشل قبل الوصول للنجاح، ستيف جوبز لم تكن عنده ثانوية ونجح، وكل شيء في الحياة يعتبر قرارا، ثم مسارا، ثم لابد من الاصرار، من أجل تحقيق الانتصار».

نعم… الناجح هو الذي يفكر في الحل على عكس الفاشل الذي يفكر بالمشكلة، الناجح هو الذي تكثر البدائل لديه ويفكر في بديل ثالث، وهذه هي فلسفة الاستراتيجيات البحث عن الحلول، بينما الفاشل يفكر بطريقة واحدة فقط وليس لديه بديل.

وهذا البروفيسور محمد يونس أسس (بنك الفقراء)، واليوم قدم البنك أكثر من 11 بليون دولار في صورة قروض صغيرة لنحو 7 ملايين مواطن في بنغلاديش دون ضمانات، وغالبيتهم من النساء، ويملك البنك أكثر من 2000 فرع، علماً بأن أكثرمن 95 في المئة من المقترضين فقراء.

ويقول الدكتور وليد فتيحي في مقاله (لا نجاح بلا فشل): «إن أكبر العوائق التي تحول بين الإنسان وبين الخروج من نفق الإخفاقات المظلم هو طريقة النظر إلى الفشل»، فمعظم الناس يتعلمون درساً خاطئاً من الفشل وهو أنهم فاشلون، مما يرسخ في أذهانهم قناعة العجز ويصيبهم باليأس والإحباط، بينما الفشل تجارب قيمة وخبرات مكتسبة، والفشل المتكرر هو الذي يكسب الإنسان ما يحتاجه للنجاح من خبرات وصفات نفسية كالصبر والإرادة والعزيمة، والفاشل الحقيقي هو من أقعدته همته عن تكرار المحاولة بعد الإخفاق والتعلم من أخطائه وفشله، فأهم لبنات بناء النجاح هو الفشل، ولا شيء في الحياة ينمي المرونة مثل المحن والفشل.

لذا فعليك أن تتفهم الفشل كجزء من تركيبة حياتك وأن تحتضنه كمتطلب نجاح، فهو يساعد على تطوير الابتكار، وهو مكون حيوي من مكونات النجاح، ونهج الإسلام يدعو إلى المحاولة والتحدي والإقحام، فيضمن لك الأجر والثواب، فإذا اجتهد العبد وأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر، فاستعن بالله ولا تعجز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى