محمد عبد العزيز
كل من يمعن النظر في خريطة الشرق الأوسط وفي التغيرات الجيوسياسية التي تحدث في السنوات الأخيرة يتأكد بما لا يدع مجالا لريب أن الأمور تسير في صالح اسرائيل وأن الصهاينة ” وهنا لابد من التفريق بين اليهودية كديانة لها كل التقدير وبين الصهيوينية كحركة مكن لها وعد بلفور الذي كان منحاً ممن لا يملك لمن لا يستحق ، ففلسطين أرض عربية منذ فجر العروبة.
خريطة المنطقة تتغير لصالح اسرائيل والشواهد كثيرة ومعظمها يأتي عبر الوطن العربي العزيز مصر فتهجير اهالي سيناء وتفريغ الحدود المتاخمة لاسرائيل تمهيدا للحفاظ على امن اسرائيل والتخلص شيئا فشيئا من الفلسطينيين والأهم من ذلك كله هو تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للملكة العربية السعودية وهو بمثابة وعد بلفور جديد حيث تنازل السيسي طواعية او مرغماً ” بيع وشراء ” عن أحد اهم موارد الدخل القومي المصري وهو قناة السويس لأن مصر بتنازلها عن الجزيرتين ستفقد اهمية استراتيجية كبرى بالاشراف على اهم معبر مائي عالمي ، لأن اسرائيل ستكو نهى الرابح الوحيد في تلك المقايضة .
قناة بن غوريون هو مشروع اسرائيلي لعمل قناة بحرية منافسة لقناة السويس من ميناء ايلات على البحر الأحمر الى البحر الأبيض المتوسط ، القناة التى تحلم اسرائيل بانشائها تسع مرور السفن فى لااتجاهين وتمكنها من اقامة محطات لوجوستية ومشاريع فندقية عملاقة على الجانبين ومن ثم تخفيض رسوم مرور السفن ، ومن معلومات وردت فى صحيفة معاريف الاسرائيلية ان مدة تنفيذ المشروع ثلاث سنوات ورصدت اسرائيل ميزانية قدرها 14 مليار دولار كلفة انشاء القناة . السفن مخطط لها ان تمر من البحر لاأحمر عبر خليج العقبة الى ميناء ايلات ثم الى البحرالمتوسط .
المشكلة الوحيدة التى كانت تعيق ذلك الحلم الاسرائلي الكبير هو ان المدخل الوحيد لخليج العقبة الصالح للملاحة البحرية هو الواقع بين جزيرة تيران المصرية والساحل الشرقي لمحافظة جنوب سيناء اى داخل المياة الاقليمية المصرية ومن ثم تصبح مصر هى المتحكم في الممر ويمكن له ا ان تغلقه او تفرض رسوما كيفما تشاء للمرور الىخليج العقبة .
وبتنازل مصر عن الجزيرتين للسعودية مهد الطريق تماما لاسرائيل لتحقيق حلمها بقناة بن غوريون لأنه في هذه الحالة اصبح الممر المائي الواقع بين جنوب سيناء المصرية وتيران ” السعودية ” مياة دولية لا يحق لأى دولة التحكم فيها .
وبهذا يتصرف الرئيس المصري كاحد أبناء بنى صهيون فيمهد كل السبل الممكنة لقيام اسرائيل الكبرى من المحيط الى الخليج لذا فهو يفوق بلفور الذي منح الصهاينة وطنا في قلب فلسطين العربية ،بينما السيسي يمنح اسرائيل اسباب الوجود الأبدي في منطقة الشرق .