

صالح الشايجي:
يسمونه خطيب الثورة، ويسميه خصومه «ميزو»!
أما اسمه الحقيقي فهو «محمد عبدالله نصر» مواطن مصري خريج الأزهر ويرتدي زي الأزهر المعروف.
اكتسب لقب خطيب الثورة لأنه كان أثناء التجمع في ميدان التحرير أيام ثورة 25 يناير 2011 هو خطيب الميدان وإمام المصلين في صلواتهم.
أمّا اسم «ميزو» فلا علم لي به، وإن كنت أظنّ أنّ خصومه هم من أطلقوا عليه هذا الاسم من باب التصغير والاستهانة وذلك لصغر سنّه ولأفكاره الصادمة لحملة الأفكار التقليدية والواقفين ضد الاجتهاد والبحث والتعمّق.
خصومه ـ وسط الدوائر الدينية التقليدية ـ كثر وأقوياء وذوو نفوذ وعلى رأسهم وزارة الأوقاف المصرية التي لم تتورع عن إصدار بيان ضده مطالبة القنوات الفضائية بعدم استضافته وواصفة إياه بصفات لا يجوز أن تصدر من جهة حكومية رسمية ضد مواطن.
هو فيما يحمل من آراء وأفكار تنويرية تجديدية ليس الأول ولن يكون الأخير في هذا الصف التاريخي الطويل من المجددين والكاسرين حواجز الظلام والقافزين فوق أسيجة الجهل والجمود.
هو يبحث في الكتب الدينية ويفحصها ويدقق فيها ثم يعلن عما وجده فيها مما يناقض العقيدة الإسلامية الصحيحة وما لا يتفق مع ما جاء في القرآن، وهي كتب وضعها بشر مجتهدون قد يكونون مصيبين وقتما وضعوها أو قد يكون دخل عليها دُخنٌ وتدليس وزيادة هنا أو بترٌ هناك، ثم انّ تطوّر الحياة بعلومها المختلفة أتاح لأهل هذا الزمان ما لم يتحه للمتقدمين من المسلمين في عصور سلفت وقرون انقضت.
ذلك كل ما يفعله «محمد عبدالله نصر» وهو ذو حجة وذريعة أفحمتا مناوئيه ومعارضيه وهم في عمر أبيه ومن حملة الشهادات العليا ومن سلخوا من أعمارهم سنوات طوالا في محاريب الدراسات الدينية، ولكنهم ليسوا مجتهدين ولا مجددين وليسوا بقادرين على التقاط الشوائب واستخراج العيوب من كتب البشر، مضفين عليها هالة من التقديس تمنعهم من الإشارة الى عوار هنا أو ثلمة هناك.
ومن غرائب ما في حكايته أنه أعلم واكثر دراية في مناهج الأزهر وما يُدرّسه الأزهر ممن يُدرّسون هذه المناهج والكتب، فكثيرا ما أحرج محاوريه وهم من علماء الأزهر وبعد إنكارهم لما يدّعي وجوده في كتب الأزهر بأن يذكر لهم اسم الكتاب ويحدد لهم الصفحة التي تحمل ما قال.
المسلمون اليوم هم في أشد الحاجة الى نسف الجسور القديمة، وهي آراء بشر اجتهدوا في زمانهم لزمانهم، وما أحوجهم الى فتح الباب للعقل كي يدخل فينير عقول المسلمين بعدما ضلّوا في غياهب الجهل وجُبّه.
المصدر: الأنباء.