آراءمحلي

الشيباني:التوبة مطلوبة على الدوام..!

محمد بن إبراهيم الشيباني:محمد-بن-إبراهيم-الشيباني

محظوظ من يدرك نفسه بالتوبة قبل حلول الأجل. والتوبة ليست مطلوبة فقط لمن ارتكبوا الذنوب والخطايا الكبيرة، وإنما مطلوبة من العبد مع خالقه على الدوام في اليوم والليلة، ومطلوبة من أعبد العابدين وأخلص والمخلصين. ليس الرجوع إلى الله بعد فعل الكبائر وآثام الأعمال هزيمة أو سبة، أو لا يحق له ويجوز، فالتوبة تجب ما قبلها لمن رجع تائباً مخلصاً متحرراً من الذنوب كلها قد أعطى العباد حقوقهم التي أخذها منهم بالظلم والقهر قبل توبته. ففي شريعتنا تعتبر هذه من قواعد وأوليات التوبة، وشروطها التحرر من حقوق الآخرين، أما حق الله فهو أن يترك جميع ما كان عليه من سيئات الأعمال كبيرها وصغيرها وبذلك يكون قد أكمل الشروط المطلوبة منه. قول البعض الذي لا يؤمن بكل ما سبق يرى أن من ارتكب الخطايا والذنوب في حياته الماضية ثم عدل مساره ورجع إلى الطهارة من ظلمات المعاصي وشؤمها، بل رجع إلى بيته وزوجه وأولاده أن كل ذلك دلالة على الانهزام والانكسار والتقهقر، وأن ذلك غش وخداع فإذا كان ذلك كذلك، نذكر بأن أغلب آيات الله وأحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم حثت على التوبة والرجوع إلى الخالق والانطراح بين يديه. فالرب يحب ذلك من عبده بل يفرح بتوبة عبده إليه، فيستقبله بكل سعة رحمة ومودة، فعجباً لهذا البعض يغضب إذا عصاه ولده ورد عليه أمره، ويفرح إذا أطاعه ولده ونفذ أمره، ولكن عنده كيف يرجع فلان وفلان إلى الدين والتوبة بعد فعله كل تلك المعاصي؟! إذا قولوا – وحسب منطقكم – لماذا صار هناك رهبان (رجال ونساء) في الأديان الأخرى؟ أليس بعد توبة وابتعاد عن حياة الملذات والمغريات؟ ولا أناقش هنا صواب ذلك أو خطأه عندهم. تجديد التوبة وفي اليوم والليلة مطلوب حتى من العلماء والصالحين والمفتين والمتنسكين، وكل فرسان الليل والنهار من العباد، فهي ليست قصراً على التائب الجديد، والتوبة المستمرة تصحيح للأخطاء وتعديل للمسار ودليل على رسوخ الإيمان وتضلعه في جسد المؤمن. ودخول غير المسلمين في الإسلام أكبر دليل على ما نقول، فهم لا يقفون عند حد محدود في إسلامهم بل ينشرونه بكل ما أوتوا من جهد ونشاط ومال. لن تقف تعييرات هذا البعض في من تاب وأناب إلى ربه لأنهم محرومون من ذلك، وان شياطينهم قد باضت وفرخت في مجتمعاتهم فأنى لهم ذلك. والله المستعان. * * * • الميزان «الميزان يتضمن العدل سواء قيل إنه ما يوزن به الأشياء أو قيل هو نفس العدل، والقياس الصحيح هو من الميزان». (ابن تيمية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى