آراءدولي

الشيباني:المترفع والمتخفض..!

محمد بن إبراهيم الشيباني:

محمد بن إبراهيم الشيباني
محمد بن إبراهيم الشيباني

كانوا يكرهون الشهرتين المترفع والمتخفض، مثل من يلبس لباس شهرة يتبختر بها ويترفع فيها بين الناس غره لباسه ذلك. وآخر متخفض، وهو ترك المباحات متعبدا، فالاثنان هنا آثمان على فعلهما، كما قال أهل العلم، وعلى رأسهم شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم. فالمترفع خارج عن العادة، والمتخفض كذلك خارج عن العادة. فالأول إذا أراد أن يرى أثر نعمة الله عليه وشكره أظهره وهو مأجور على ذلك. أما الآخر إذا بخل بذلك ظناً منه أنه تركه تعبداً فهذا مأزور كذلك على ذلك. هكذا شريعتنا التي لا يريدونها وسطاً بين الأمم، ووسطاً في كل أمر من أمور الحياة لا إفراط ولا تفريط يتقلب أهلها بين الرجاء والخوف يرجون رحمته ويخافون عذابه. الصحب الأول خير من نقل سنن الهدى والخير للبشرية من الرحمة المهداة، فهم حفظة هذا الدين العظيم كانوا أشداء ورحماء مثل من سبقهم من حواري الأنبياء والرسل، يأخذون بتعاليم متبوعهم حذو القذة بالقذة لا يحيدون عنها، ومن نسي وحاد منهم ذكروه أو زجروه، وإن اختلفوا في المسألة والرأي ردوا الأمر إلى متبوعهم وأخذوا بأمره ونهيه. ينقل أهل العلم عن الصحب لما دخلوا الشام نظر إليهم رجل من أهل الكتاب، فقال: ما كان أصحاب عيسى بن مريم، الذين قُطعوا بالسيوف والمناشير وصُلبوا على الجذوع، بأشد اجتهاداً من هؤلاء، ومع ذلك كان عندهم للسلم والعفو موضع، فلم يكن الواحد منهم ضرارا قهاراً دائما، بل كانوا كمتبوعهم حسبما يقتضيه المقام في مكان القهر على العفو، وفي وقت السلم محض اللطف أشداء على الكفار رحماء بينهم يعفون عمن ظلمهم ويص.لون من قطعهم ويعطون من حرمهم ويعينون على نوائب الدهر بطلاقة وجه وسماحة نفس وكف أذى وبذل ندى. الحياة أيها القارئ الكريم ليست كلها عنفاً وشدة وترفعاً وإنما فيها تجاوز ولين وتخفض، و «بخيت»، كما قال الأوائل، من جمع بين الاثنين فتوسط، أي أن لا يغلب جانبا على آخر فتنهار المعايش فيما تبقى للإنسان من حياة. ..والله المستعان. لا تغضب. من التعاليم النبوية، فعندما جاء نبينا أحدُ أصحابه يطلب وصيته ليعيش سعيداً في حياته، قال له : لا تغضب، وكررها عليه ثلاث مرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى