آراءدولي

الشيباني:حلف الفضول والحقوق الحديثة..!

محمد بن إبراهيم الشيباني:

محمد بن إبراهيم الشيباني
محمد بن إبراهيم الشيباني

كان حلف الفضول بعد حرب الفجار بأربعة أشهر، وكان أكرم حلف وأفضله على العرب في الجاهلية، وسببه أن رجلاً من قبيلة زُبيد اليمنية قَد.م مكَّة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي وأَبَى أن يعطيه حقه، فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف: عبد الدار، ومخزوماً، وجمحاً وسهماً وعدي بن كعب، فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل وانتهروه فلما رأى الزبيدي الشر صعد على جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس، ورجال قريش في أنديتهم حول الكعبة، فاستصرخهم لرد ظلامته قائلاً:يا آل فهر لمظلوم بضاعتهببطن مكة، نائي الدار والنفرإن الحرام لمن تمت كرامتهولا حرام لثوب الفاجر الغدر فقام الزبير بن عبدالمطلب، فقال: ما لهذا مترك، فاجتمعت بنو هاشم وزهرة، وبنو تميم بن مرة، في دار عبدالله بن جدعان، فصنعوا له طعاماً، وتحالفوا في شهر حرام، وهو ذو القعدة، فتعاقدوا وتحالفوا بالله ليكونن يداً واحدة مع المظلوم على الظالم، حتى يرد إليه حقه، ما بل بحر صوفه، وما بقي جبلا ثبير وحرام مكانهما.فسمت قريش هذا الحلف «الفضول» وقالوا: لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر، ثم مشوا إلى العاص بن وائل، فانتزعوا منه سلعة الزبيدي، فدفعوها إليه. وقيل إنما سمي حلف الفضول لأنه أشبه حلفاً تحالفته جرهم على هذا: من نصر المظلوم وردع الظالم، وكان دعي إليه أشرافهم اسم كل واحد منهم (فضل) وهم: الفضل بن فضالة، والفضل بن وداعة، والفضل بن الحارث، بينما قال ابن قتيبة وقال غيره: الفضل بن شراعة والفضل بن بضاعة، والفضل بن قضاعة، وفي هذا الحلف قال الزبير بن عبدالمطلب:
إن الفضول تعاقدوا، وتحالفوا
ألا يقيم ببطن مكة ظالم
أمر عليه تعاقدوا وتواثقوا
فالجار والمعتر فيهم سالم
وقد حضر رسولنا (صلى الله عليه وسلم) هذا الحلف الذي رفعوا به منارة الحق، وهدموا صرح الظلم، وهو يُعدُّ من مفاخر العرب وعرفانهم بحقوق الإنسان، وفي حديث يتقوى ببعضه رواه ابن هشام، قال رسولنا: «شهدت بدار عبدالله بن جدعان حلفاً، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت لمثله في الإسلام لأجبت».
إذا كان أهل الجاهلية يرفضون الظلم بدوافع فطرية، فأولى بأهل الإسلام رفضه بدوافع عقدية ولأن الإسلام جاء حاثّاً على عدم الظلم ومتمشياً مع الفطرة ومقوماً لها من أي انحراف.
قال رفاعة بك: «وكان هذا الحلف لشرف موضوعه ونبل الغرض المقصود منه يكاد يكون أساساً لسياسة وطنية وتمهيداً للمواد التمدنية..». وقال: «ومن تأمله حق التأمل وجده أساس ما يسمى عند الملل المتمدنة بالحقوق المدنية والحقوق الدولية». والله المستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى