آراءدولي

الشيباني: إحباط الكبار

محمد بن إبراهيم الشيباني يكتب:

محمد بن إبراهيم الشيباني
محمد بن إبراهيم الشيباني
شخصيات عرفناها أو قرأنا لها أو تحدث الناس عنها كان اختفاؤها، أو قل انعزالها عن المجتمع، من أسبابه الرئيسية الإحباط وعدم الاكتراث بما تقوم به من تنوير المجتمع أو الارتقاء به في المجالات العلمية والثقافية والإعلامية، وغير ذلك من الارتقاءات، فتضطر إلى عدم السماع اليها والإنصات العميق إلى مشاريعها التي فيها رقي المجتمع وعلوه؛ إما أن تهاجر إلى خارج وطنها فتبدع هناك ويرتفع اسمها وتحترم، وإما أن تغلق على نفسها بيتها أو تذهب بعيداً، فتغلق عليها حتى باب غرفتها من أهلها وخاصتها، ومنهم من يبتعد بعيداً جدّاً عن بيته وقرابته وخلانه، فلا تسمع به إلا وقد مات بالأمس ونقل إلى مثواه الأخير، وظنك أنه قد مات منذ زمن!
صحيح أنها مخاشنة ومقاطعة منهم، ولكنها قد يكون لها مبررها عندهم، وكم من العلماء الأقدمين من اعتزل مجتمعه لما رآه حسب وجهة نظره أنه لا يستحق أحد منهم أن تلتقيه أو تجالسه فتواسيه ويواسيك ألمك ومحنك وأحزانك!
وأكثر من اعتزلوا عندنا كانت أسبابهم الحساد المتطاولون في كل شيء العلم والمال والدنيا بكامل زخرفها إذا أتتك أو أبدعت في شيء منها فيا ويلك من اغتيابهم وافترائهم ومحاولة إزاحتك من طريقهم أو مجتمعهم السراب البقيعة!
وصدقت عائشة عصمت حين قالت:
حسن الوفاء وصدق الود قد صُرعا
واستوحشا بفيافي الغدر وانصدعا
كلاهما من سقام لا مساس له
حزنا على الحق والإنصاف مذ صرعا

وصفوة القول أيها السادة ينبغي علينا تجاه الكبار الذين أحبطوا في سالف الأيام احياؤهم وأمواتهم، وألا نساعد حسادهم أو من كانوا أسباب هجرتهم من المجتمع إلى البيوت والغرف المغلقة والأماكن البعيدة، فعلينا أن نردهم إلى مجتمعهم بذكرهم في ما نملك من إعلام متنوع بأيدينا من كتابة عنهم، أو إحياء ذكرهم في المحاضرات والدروس وغيرها، حتى لو لم يكن ليس لديهم مؤلفات أو أعمال علمية تركوها، ولكن يكفي دورهم الذي كان في المجتمع في المناحي المتنوعة، فمن ليس له أول ليس له تالٍ. والله المستعان.

• الاختيار الأمثل:
«لو خُيّرت بين شكسبير والإمبراطورية الهندية، لآثرت شكسبير، لأن الهند ليست لنا، وسنتخلى عنها عاجلاً أم آجلاً، أما شكسبير فهو لنا، هو ثروتنا الأدبية، وسيظل لنا ما ظللنا» (كارليل).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى