
محمد بن إبراهيم الشيباني يكتب:

توفد وزارة التعليم العالي في الكويت الطلبة أصحاب النسب العالية والمطلوبة في عرف وقوانين الوزارة إلى الغرب وأميركا في التخصصات المتنوعة، ولا ممنوع منها، حتى لو كان التخصص نادراً وخطيراً (مطلوب في العالم) مثل الهندسة النووية، وما يتبع هذا التخصص من تخصصات علمية دقيقة أخرى، ولكن المفاجأة ليست بالموافقة على هذا التخصص، بل في أنه لا مكان له في دولة الكويت العظمى أو في وزارة من وزاراتها أو هيئة من الهيئات، لأننا نتكلم كثيراً وتصريحات معظم مسؤولينا ومسؤولي الهيئات العلمية أكثر بادعاء رعاية التخصصات العلمية النادرة والعناية بالشباب الكويتيين ودلهم على ما يفيدهم ويفيد بلدهم، وكل ذلك هراء وتصريحات جوفاء غير مسؤولة، ولو وُظّ.ف الشباب العادون في هذه التخصصات لركونهم من دون عمل، كما حدث لأحدهم أنه جلس سنة من دون وظيفة، وآخر عينوه في غير تخصصه حتى اضطر إلى مغادرة البلاد إلى دولة خليجية لديها هذا التخصص، بل ترعى خريجيه وتقدرهم وتكرمهم بالعطاءات اللامحدودة، لأنهم علماء المستقبل للأمة.
لن أتكلم على حسد وتمسّك المعششين في أغلب المناصب العلمية في البلد منذ حقب ولم يتغيروا كأنه إرث أسرى، فمعظمهم أول الطاردين لشبابنا العائدين، وسبب بلاءاتنا وتأخرنا، بل وتقهقرنا، لأنهم حتماً يعلمون أن هؤلاء الشباب لن يرضوا بالجلوس والتكاسل وإهمال ما درسوه، مما سيسبب تماساً كهربائياً صاعقاً معهم.
حالة محزنة للشباب العائدين أن يكونوا النواة العلمية الأولى لهذا التخصص وغيرها من التخصصات العلمية المشابهة، ولكن بلدهم لا يعينهم في هذا الأمر الجلل، الذي قطعوا فيه الأعوام وصرفوا فيه الليالي والأيام بالسهر والنشاط، حيث كان طموحهم أن يجدوا ما تعلموه موجوداً، له مكان في بلدهم، ولكنها المفاجأة مثل غيرها من المفاجآت التي تصيب الخريجين منذ أزمان التوظف في المكان الخطأ، أي في غير التخصص.
هناك في الجامعات التي درسوا فيها يحدثهم أساتذتهم أن بلدكم ليس فيه هذا العلم، ولكنه موجود في باقي دول الخليج العربي، مثل السعودية والإمارات، فالبرامج النووية المستخدمة في الأغراض السلمية هناك أو في أميركا ودول الغرب، إن أردتهم تفعيل ما درستموه والبروز فيه، وإلا فستكونون في وحدة علمية مقطوعة ستشعرون بمرارتها، بعد حين.. فبادروا إلى ما يفيد قبل فوات الأوان. والله المستعان.
• البلاء:
«كلما قلنا نسينا ردت البلوى علينا».