

محمد بن إبراهيم الشيباني:
لم تعد الجماهير في أي بلد في العالم، ومعه العالم العربي، تساق مثل السوائم لا رأي لها أو اعتراض، فهذه حقب ولت وأدبرت وانتهت بقدوم أجهزة التواصل الاجتماعي المتنوعة، وعبقرية أكثر مستخدميها في تحريك الناس للخبر والمعلومة والحقيقة، التي لم تعد تخفى على أحد في هذا العالم الالكتروني العجيب.
لقد أصبحت المعلومة، أي معلومة، وفي كل علم وفن، متوافرة ومتداولة لدى الكبار والصغار والعالم والجاهل، بل كل طبقات المجتمعات، وأصبح لدى أكثر مستخدمي هذه الأجهزة مهارة وفن وخبرة في تحليل الخبر وصياغته وإرساله إلى المجاميع ومن هذه إلى تلك.
إذاً لم يعد خبر «داعش» غريباً على مستخدمي هذه الأجهزة بأن داعش قد حلت محل «القاعدة»، وأن هذه الأخيرة قد أحالوها على التقاعد أو انتهى دورها تقريبا، لأنها أصبحت لعبة ممجوجة لم تعد تنطلي على البشرية، أو أنهم (الاستخبارات) قد أراحوها قليلا وسيحتاجون إليها في وقت من الأوقات بعد القضاء على داعش إن أرادوا ذلك، ولو أني أرجح أن حركة داعش لن ينهوها سريعاً حتى ينهبونا تماماً (يخلونا على بساط الفقر).
حركة أو جماعة أو دولة داعش التي «خرعت» العالم الغربي بكبره ومعاه الولايات المتحدة الأميركية وتعقد لها الاجتماعات في كل مكان وفي الأمم المتحدة، وذلك للاتفاق على ضربها، كل السالفة أنها تريد أن «تقرقش» الدول الخليجية والعراق وبعض الدول العربية وليشتروا منها السلاح الجديد والقديم (ستوك) واتفاق هنا وصفقة هناك، وطبعاً لا ننسى «الكوميشن» لربعنا الذي فاحت روائحه في كل مكان على حساب بلدانهم من دون حياء ولا خجل ولا خوف من حساب يوم الدين.
داعش «لعبة الأمم» المستفيد منها الأمم، وما بقاء هذه الجماعة إلا لتستمر عملية نهبنا، ليست دول الغرب وأميركا مستفيدة من بقاء داعش فقط، بل حتى ربعنا ـ كما ذكرت فالبعض في عالمنا الخليجي والعربي لهم نصيب من ذلك، والذي ليس له نصيب لا في الروحة ولا في الجية هو الشعوب التي صبت هذه الدول بوساطة داعش العذاب عليهم وتشريدهم وتهديم بيوتهم ونهب ممتلكاتهم، وأكملتها الطائرات الفرنسية والأميركية في قصفها المستمر عليهم، وتحطيم ما تبقى لهم من حياة وأموال كالذي يفعله الأسد بشعبه.
إنه الدولار والدينار واليورو وغيرها من الأوراق المالية التي يتصارعون في الحصول عليها نظير الصفقات المتنوعة، لا يهمهم من يموت من الشعوب، لأن الشعوب آخر آمالهم ومرادهم وما يفكرون.
وغنيمة كبرى إذا نجت هذه الشعوب من الموت في النزوح بجلدها إلى الدول القريبة! والله المستعان.
المصدر: القبس.