
محمد بن إبراهيم الشيباني يكتب

لا يستغني بنو آدم عن الطب والأطباء والمشافي، فهي من أسباب بقاء النوع البشري وسعادته وصحته وسلامة عافيته، ولكنه ليس الشافي، فالشافي هو من خلق بني البشر، وهو الله، وهو أعلم بأحوالهم وأدوائهم ولأوائهم وكدرهم وعسرهم ويسرهم.جاء في الرقية النبوية: «اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً»، وكان عبدالله بن عمر يقول: «ما أصابني جرح أو قرح إلا لطخته بعسل ورقيت عليه».فالطبيب هو المعالج وباذل الأسباب لشفاء مريضه، سواء بالدواء أو الجراحة أو العمليات المتنوعة لصنع الله، وهو جسم الإنسان العجيب المعجز، الذي جعل كل طبيب الأطباء من يتخصص في كل صغير فيه وكبير، ومازال الطب عاجزاً عن اكتشاف أسرار هذا الجسم وأمراضه وعلاجاته مع تقدمه.
ومهنة الطبيب ليست هي فقط العلاج، وإنما هي أكبر من ذلك وأعمق، وهي معاملة المريض وتحمله في جميع حالاته، فالطبيب الذي لا يتحمل مريضه، ولا يكون قلبه كبيراً، وروحه طيبة عالية في الاهتمام به، وإحساس وشعور المريض بذلك، لا يصلح أن يكون طبيباً ولا حتى سمكرياً! فهناك من الأطباء في مستشفياتنا، حتى أكون صريحاً وواضحاً، لا يصلحون لهذه المهنة الإنسانية العظيمة، ومنها أنهم لا يعترفون بعجزهم إذا لم يعرفوا ماهية المرض وأسبابه، ليس عندهم أي مشكلة بأن يجعلوا من المريض حقل تجارب، أو قل لا يفرقون بين الإنسان والسيارة التي يركبونها حين تتعطل، فيجتهد في تصليحها حتى لو كان لا يعرف مواطن الخلل فيها، هذا النوع من الأطباء لا يعرف طريق الاستشارة من زملائه الأطباء، مغرور متكبر على النصيحة والتعليم، ومنهم من يقرف من كثرة رؤية الدماء وغيرها من الخروجات، التي تحدث أثناء العملية أو العلاج، حتى تراه يصيح بها أمام زملائه: أنا مللت أو قرفت من الوساخة! كما نقل إليّ ذلك أحد الأطباء.
صحيح أن الطبيب بشر، ولكنه يختلف عنهم في صفات كثيرة، ذكرت بعضها، وأركز على أهمها، وهي روح الطبيب وبشره وبشاشته وحلو معشره مع طيب الحديث، كما قال أحدهم: لا يتبرم بعليل ولا يتضجر من كثرة مراجعة، ولو كانت في غير محلها.
ولكن هل أصبحت مهنة الطب عندنا تجارية (دكاكينية)، فيأتون بالخريج الصغير المبتدئ فيطلقون له أجساد البشر ليعبث بها؟ كما قال أحد الأطباء لزميله المبتدئ، وهم في خفارة ليلية في أحد المستشفيات: قد جاءك الفرج، حوله غدا إلى عيادتك وأدخله غرفة العمليات، واعمل المشرط في جسده حتى تعرف مكان كل شيء في بطنه، ولن تتعلم وتصير عندك خبرة إلا بهذا السلوك؟! وهذه ليست مزحة، وإنما حقيقة أسمعني إياها أحد الأطباء، عندما كان يدرس في دولة عربية.
أيها الأطباء أجركم كبير عند الناس وعند رب الناس، ولكن وزركم أكبر لو تعمدتم الخطأ والاجتهاد بغير علم واستشارة وتأن ومراجعة تلو الأخرى.. والله المستعان. • من جميل الحكم
«للنبوغ مؤمنون وكافرون». (مي).
ومهنة الطبيب ليست هي فقط العلاج، وإنما هي أكبر من ذلك وأعمق، وهي معاملة المريض وتحمله في جميع حالاته، فالطبيب الذي لا يتحمل مريضه، ولا يكون قلبه كبيراً، وروحه طيبة عالية في الاهتمام به، وإحساس وشعور المريض بذلك، لا يصلح أن يكون طبيباً ولا حتى سمكرياً! فهناك من الأطباء في مستشفياتنا، حتى أكون صريحاً وواضحاً، لا يصلحون لهذه المهنة الإنسانية العظيمة، ومنها أنهم لا يعترفون بعجزهم إذا لم يعرفوا ماهية المرض وأسبابه، ليس عندهم أي مشكلة بأن يجعلوا من المريض حقل تجارب، أو قل لا يفرقون بين الإنسان والسيارة التي يركبونها حين تتعطل، فيجتهد في تصليحها حتى لو كان لا يعرف مواطن الخلل فيها، هذا النوع من الأطباء لا يعرف طريق الاستشارة من زملائه الأطباء، مغرور متكبر على النصيحة والتعليم، ومنهم من يقرف من كثرة رؤية الدماء وغيرها من الخروجات، التي تحدث أثناء العملية أو العلاج، حتى تراه يصيح بها أمام زملائه: أنا مللت أو قرفت من الوساخة! كما نقل إليّ ذلك أحد الأطباء.
صحيح أن الطبيب بشر، ولكنه يختلف عنهم في صفات كثيرة، ذكرت بعضها، وأركز على أهمها، وهي روح الطبيب وبشره وبشاشته وحلو معشره مع طيب الحديث، كما قال أحدهم: لا يتبرم بعليل ولا يتضجر من كثرة مراجعة، ولو كانت في غير محلها.
ولكن هل أصبحت مهنة الطب عندنا تجارية (دكاكينية)، فيأتون بالخريج الصغير المبتدئ فيطلقون له أجساد البشر ليعبث بها؟ كما قال أحد الأطباء لزميله المبتدئ، وهم في خفارة ليلية في أحد المستشفيات: قد جاءك الفرج، حوله غدا إلى عيادتك وأدخله غرفة العمليات، واعمل المشرط في جسده حتى تعرف مكان كل شيء في بطنه، ولن تتعلم وتصير عندك خبرة إلا بهذا السلوك؟! وهذه ليست مزحة، وإنما حقيقة أسمعني إياها أحد الأطباء، عندما كان يدرس في دولة عربية.
أيها الأطباء أجركم كبير عند الناس وعند رب الناس، ولكن وزركم أكبر لو تعمدتم الخطأ والاجتهاد بغير علم واستشارة وتأن ومراجعة تلو الأخرى.. والله المستعان. • من جميل الحكم
«للنبوغ مؤمنون وكافرون». (مي).