
سمع مراجع من موظفة كويتية تقول: يا عبدو «وين» العسل الذي كنت تأتي به إلى المنزل، لماذا توقفت؟ ائت به وإلا فلن تسير معاملاتك عندي! وسمع أخرى تقول: وين كرت النقال، لماذا توقفت عن إرساله لي؟ وقالت ثالثة، أين مبلغ العشرين دينارا لتخليص معاملاتك المستمرة؟ وقالت رابعة وخامسة وسادسة.. وآخرون مثلهن في غالبية وزارات الدولة وإداراتها وهيئاتها وكل «خنبور» وزاري!
هذا هو السائد اليوم والمنتشر بين الموظفين الكويتيين ـ إلا من رحم ـ رجالا ونساء، أما الوافد العربي فهذا كما يرى الكويتي يفعل يفعل مثله، بل أكبر من ذلك، فهو يتبعه «حذو القذة بالقذة» بل ويشاركه سوءه وإثمه وقذارته، وينطبق ذلك على الموظف الجديد والقديم،
ناهيك عن رفع الخشوم والتكبر على الخلق وازدرائهم ومن دون تحديد جنسية أو سن، حتى الكويتي الكبير، إذ لم يعد له تقديره واحترامه عند هذه الأصناف من الموظفين الذين باعوا آخرتهم بقذر دنيوي حقير، هذا إن كانت الموعظة والتذكير بالله والآخرة والحساب تنفع! هذا هو الموجود السيئ كما قال القائل:
زماننا كأهله وأهله كما ترى
ولئن تحدثت عن أخذ الرشى القليلة والحقيرة عند قطاع كبير من الموظفين، فهناك من يأخذ الرشى الكبيرة والجميع يظنون أنهم ناجون من صغير الرشى وكبيرها.
لا نملك، بعد أن انتشر ذلك في عموم الدولة، إلا أن نذكر ونخوف بالدين للذين نسوا وغفلوا عنه وغرتهم هذه الحقيرات، وإلا فلا ينفع غير ذلك بتلك النفوس المسرفة، فهؤلاء لا يردهم قانون ولا تحذير مسؤول وتخويفه وإنذاره لأن نفوسهم قد أشربت بالزور والزيف من العطايا وسكنت إليها واطمأنت إن لم يكن المسؤول مثلهم!
نقول الدين، لأن لله سبحانه أيامه في عقاب المسرفين والخائنين، قد يصاب أحدهم من دعاء مراجع في نفسه وزوجه وولده وماله من حوادث الأيام وفتن الزمان ويموت وهو على هذا الوثن وقد أكل مال هذا وآذى ذاك ولم يؤد حق العباد والبلاد فعوقب بأنواع العقوبات.
مقالتي هذه نصيحة وتبرئة للذين خاضوا غمار هذه الرذائل، أن ينتهوا عنها وفي شرهم اليومي المسمى تعطيل معاملات الناس وبقولهم، «راجعنا بعد أسبوعين ثلاثة»، المعاملة ليست عندي، ناقصة، اذهب إلى وزارة كذا ووزارة كذا.. وكل ذلك كذب وبهتان، فأغلب المعاملات مستوفية الشروط والأوراق، ولكن الموظف لا يريد أن يقوم بعمله وواجبه الوطني أو لا يخاف من الله ولا يرأف بهؤلاء المراجعين.
يا موظفي الدولة، من الذين لا يخافون الله في العباد وتأخذون الرشى الصغيرة والكبيرة، عليكم من الله ما تحتسبون وجعل ما تأكلون سماً زعافاً محطماً لبيوتكم وما تملكون. اللهم آمين.
.. والله المستعان.
- قصص المراجعين
«من زمن ليس عندي معاملة في وزارة من الوزارات أو ذيولها أو أنجز شيئاً بنفسي لأن مندوبي يقوم بكل أموري، لأنني أعرف نفسي جيداً، وذلك محافظة على صحتي وعافيتي وكرامتي، تركت ذلك منذ سنين وتلك نعمة منّها الله عليّ وإلا لدخلت في اليوم الواحد مخافر عدة في الكويت الحديثة. ويقول واحدهم: أنا كويتي وأفتخر مع إشارة الاصبعين السبابة والوسطى. «فكتوري» على شنو ياللي ما تستحون؟!