
مقتل العرب المسلمين الثلاثة بدم بارد ما هو الا اختبار آخر لمدى احترامنا لأنفسنا قبل احترام الآخرين لنا. الحدث كان عاديا جداً، ولم أسمع عنه إلا من خلال «مسج» شخصي من قبل المهتمين بالموضوع. أقول عادياً جداً لا بمعنى إحساسنا بأصل حدوث الجريمة، لا ولكن أقصد أن الإعلام والسياسيين ودول العالم تفاعلت مع القضية وكأن شيئا لم يكن وحادثة طبيعية بل وقد تكون سخيفة عند النظر إلى كم ونوع الجرائم التي نرتكبها نحن بحق أنفسنا وغيرنا بصورة يومية. لكن تصوّر كيف ستكون الحال لو أن المقتولين الثلاثة من أصل يهودي؟! لو حصل ذلك لكانت إسرائيل تحركت، وفعّلت أدواتها الإعلامية أمثال تيرنر وموردوخ، ولاشتعلت النقاشات الديبلوماسية ومجلس الأمن والأمم المتحدة ولتشكّلت لجان قضائية للتحقيق في المسألة للتعرف على الدوافع والأسباب والتحقق فيما لو كان الأمر فرديا أو من ورائه مخطط ارهابي.
هذا التحرك الديبلوماسي وعلى أعلى صورة من قبل الصهاينة رسالة دولية لكل العالم عن أهمية هذه الهوية أو هذه الديانة، لكن في حالنا نحن، فالأمر ليس بأكثر من فتاتين وزوج إحداهما قُتلوا جميعاً في جريمة عادية.
يا ليت فعل أحد الرؤساء ربع ما فعله رئيس الصهاينة نتنياهو، ويا ليت خرجت المسيرات غاضبة كما حصل في فرنسا لأجل 12 فرنسيا، وياليت كتبت الصحف وتحدثت التلفزيونات عن لحظات القتل مع مقابلات تحليلية لما جرى وما السبب، ففي ذلك تحسين لصورة العربي المسلم الذي انتهكت وما زالت تنتهك حرمته كل يوم على يد الشرقي والغربي.
المفارقات جلية وواضحة عند الحديث عن العرب. أقصد أن التعاطي مع مشاكل العرب والهوية العربية لن تكون بأحسن حال مما يجري بالنظر إلى حالهم اليوم. فهم يتقاتلون مع بعض، ويصدرون للعالم الفكر الجاهلي الدموي، ولا يتوصلون لحل مشاكلهم إلا بتدخل الوسيط الأجنبي كما حصل مع دي ميستورا الذي أوشك على حل مشكلة السوريين بعدما فشل الإبراهيمي. فالعرب الذين يفشلون في حل مشاكلهم، بل ويتقاتلون في كل شيء ولأجل اي شيء كما حصل في الرياضة المحلية المصرية أو الدولية بين مصر والجزائر قبل عامين.
ففي خضم كل هذه الاستخفافات بحق أنفسنا، لابد أن نقتنع أن العالم لم ولن يحترمنا طالما أننا بقينا على هذا الشكل. والبشارة الجديدة أن الدول العربية بدلا من أن تخط لنفسها هدفاً وسياسة مستقلة تجدها «تتبع» الغرب في كل شيء.
والأقرب أن أوباما سيوجه بوصلتنا من جديد إلى المرحلة المقبلة كما جاء في خطابه أول من أمس بأن مشكلتنا نحن العرب هي الطائفية، وعلينا أن نكون جنوداً في صفوف جيشه لمحاربة طائفيتنا المتطرفة!