آراءمحلي

الصراف :«البلدية».. والإصلاح الإداري

مصطفى الصراف :مصطفى-الصراف

أرادت «البلدية» التخلُّص مما تُتهم به من فساد وسوء إدارة، فراحت تتخلى عن صلاحياتها القانونية، وتلقي المسؤولية والعبء على القطاع الخاص.. والخوف أن يصبح هذا التصرف مسلكاً في مؤسسات الدولة!

سوء الإدارة هو سمة غالبة في جميع مرافق الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك الكثير من مؤسسات القطاع الخاص. ومرد ذلك في غياب الرقابة الواعية من الأعلى إلى الأسفل، يعني بداية من مجلس الوزراء وانتهاء بأبسط الموظفين، وقد لا يكون السبب في ذلك هو الإهمال، ولكن الشيء المؤكد هو عدم الوعي الإداري والدقة في المتابعة لتنفيذ القرارات واللوائح الإدارية، فالوزراء ــ مثلا ــ يملكون الصلاحيات في تشخيص موطن الإدارة السيئة، ثم وضع الدراسة لمعالجتها، ثم وضع القرار او اللائحة المناسبة للمعالجة، ثم متابعة تنفيذ القرار او اللائحة ومحاسبة من يقصر في تنفيذها. لكن المؤسف أن كل هذه الخطوات، كما هو ملموس غالباً، غير متبعة، او قد يُتبع بعض منها ويُهمل الباقي، او تتم المتابعة، ولكن بصورة تخلو من الوعي والدقة وعدم وجود القرار الصحيح. وهذا ليس بالأمر الجديد، لكن الجديد في الأمر ما لجأت إليه «البلدية»، في محاولة منها للتخلص من بعض ما تتهم فيه بالفساد وسوء الإدارة، بالتخلي عن صلاحيتها القانونية وإلقائها على القطاع الخاص ليتولى مسؤوليتها القانونية وترك المواطنين للمعاناة من هذا التصرف. ومثال ذلك ان مواطنا استأجر مساحة من احدى شركات العقار وحُرّ.ر له عقد ودفع الأجرة المستحقة، وزودته الشركة بمخطط لتقسيم المساحة وإعدادها كمكتب تجاري، وذهب لفتح ملف في وزارة الشؤون، وقدم اوراقه لها، فطلبت منه ختم المخطط من ادارة الطابع الخاص في «البلدية». وذهب الى البلدية بالمخطط المختوم من القسم الهندسي في الشركة، فقالت «البلدية»: أحضر لنا مخططاً مختوماً من احد المكاتب الهندسية. فذهب الى مكتب هندسي، وطلب المكتب منه مبلغا يتجاوز ألف دينار، ثم قام المكتب بالذهاب إلى الشركة المؤجرة ليأخذ منها ورقة موافقة، باعتبارها الجهة المالكة، والشركة معروف أنها هي التي قامت ببناء المبنى وتستثمره منذ أكثر من أربعين عاما، ومع ذلك طلبت «البلدية» موافقة وزارة المالية، لأنها هي المالكة للمبنى، وطبعا وزارة المالية لا تعرف عن المبنى سوى انها تتسلم قيمة الاستثمار من شركة العقارات، فوقعت في حيص بيص! وطبعاً، المواطن هو من يدفع الإيجار، ولا يملك لا هو ولا المكتب الهندسي صلاحية إرغام اي جهة من هذه الجهات إنجاز معاملته، فوقع المواطن هو والمكتب الهندسي في حوسة، وكل ذلك لأن «البلدية» تريد ان تزيح عن كاهلها مسؤولية ختم مخطط القسم الهندسي الخاص بالشركة وإلقاء العبء على المكاتب الهندسية ربما لتنفيعها على حساب المواطن ماليا واداريا. والخشية ان يصبح هذا التصرف للإصلاح الاداري مسلكاً عاما في مؤسسات الدولة، لدرجة قد تصل الى ان يتخلى مجلس الوزراء عن صلاحياته للقطاع الخاص، وفق مبدأ الخصخصة. يا ترى، أين وزير البلدية، وأين وزير المالية مما يجري؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى