آراءمحلي

الصراف: الجنسية والولاء

مصطفى الصراف
مصطفى الصراف

مصطفى الصراف:

الولاء للوطن يعني الالتزام بالقوانين واللوائح والاعراف والتقاليد الخاصة بهذا الوطن، فالوطن ليس مجرد ارض نعيش عليها ونأكل من خيراتها من دون التزام بأوامره ونواهيه، فهناك ما نسميه بالوطنية، او حب الوطن الذي ننتمي اليه، يعني الولاء لسيادته، وهذه مجموعة من القيم والاعتبارات كما سبق ذكرها، والتي نلخصها بعبارة سيادة القانون فيه، لان تلك الاعتبارات والقيم هي لسان حال وضمير هذا الوطن الذي نحب.

ودولة الكويت بسبب صغر حجمها وعظيم قدرها في نفوسنا اخذت بمبدأ احادية الجنسية، واعتبر القانون المبين لاكتساب الجنسية فيها وكل اجراءاتها من اعمال السيادة تحقيقا لما تراه مصلحة لها. خلافا لدول اخرى مثل الولايات المتحدة الاميركية التي هي عبارة عن قارة كاملة تحتوي على تجمع سياسي من خمسين دولة، تكونت خلال ثلاثمئة وخمسين عاما تقريبا ومن مواطنين سافروا او هاجروا اليها من كل دول العالم ليعمروها ويستوطنوها، فأخذت بمبدأ ازدواج الجنسية في قانونها، لانها رأت في ذلك مصلحة لها لجذب الهجرة اليها لتعميرها، وربما بعد لأي من الزمان ترى ان مصلحتها العودة الى مبدأ احادية الجنسية، ومع ذلك فإن اكتساب الجنسية في الولايات المتحدة الاميركية ايضا يخضع لشروط واجراءات للتثبت من ولاء هذا الشخص ورغبته في الخضوع لقوانينها والانتماء لمجتمعها قبل منحه الجنسية، فالولاء للوطن ليس مجرد ترديد النشيد الوطني والتزين برفع علمه، لان هذا مجرد مظهر، اما الجوهر، فهو ان تلتزم بدستوره وقوانينه ولوائحه وتقاليده واعرافه كوحدة اجتماعية متكاملة، ومن يخالفها فان ولاءه ضعيف، ثم يضعف على مقدار جسامة المخالفة. وينعدم اذا ارتكب خيانة عظمى او تجنس بجنسية دولة اخرى خلافا للقانون.

فاين الوطنية اذا رفعنا العلم على سياراتنا ونكسر قانون المرور ونتسبب بالفوضى، وأين الوطنية حينما نتشدق بحب الوطن ونقيم المنشآت المخالفة لقوانينه، وأين الوطنية حينما نعتدي على ابنائه بالضرب والسب وارتكاب الجرائم التي نص قانونه على تجنبها حماية للنظام العام؟!

ولذلك فان قانون دولة الكويت رأى لمصلحة وطنية عليا الا يكون كويتيا الا من لا يحمل جنسية دولة اخرى، ومن يخالف ذلك ويحمل جنسية دولة اخرى، فان ذلك يعتبر دليلا يقدمه على عدم ولائه.

ولهذا السبب نصت المادة 11 من قانون الجنسية على انه:

«يفقد الكويتي الجنسية اذا تجنس مختارا بجنسية اجنبية، ولا تفقد زوجته الكويتية جنسيتها الا اذا دخلت في جنسيته، ويفقد اولاده القصّر جنسيتهم الكويتية اذا كانوا يدخلون في جنسية ابيهم الجديدة بموجب القانون الخاص بهذه الجنسية، ولهم ان يعلنوا وزير الداخلية باختيار جنسيتهم الكويتية خلال السنتين التاليتين لبلوغهم سن الرشد.

ويجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الداخلية اعادة الجنسية الكويتية لمن فقدها طبقا للفقرة السابقة اذا اقام في الكويت اقامة مشروعة لمدة سنة على الاقل، وطلب العودة الى الجنسية الكويتية وتخلى عن الجنسية الاجنبية، وفي هذه الحالة يعتبر مستردا للجنسية الكويتية من تاريخ موافقة مجلس الوزراء».

وبناء على ذلك ففي الكويت عشرات الآلاف من عديمي الجنسية لم يمنحوا الجنسية الكويتية لشبهة انهم يحملون جنسيات دول اخرى، فلمجرد الشبهة لم يمنحوا الجنسية الكويتية، فما بالنا بمن يقدم الدليل على نفسه ويكتسب جنسية دولة اخرى متحديا وكاسرا لقانون الوطن المعتبر من صميم سيادته؟!

المصدر: القبس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى