
المعارضة الحقة تنبع من بين صفوف المواطنين ويدفعها الحرص على سلامة الوطن. المعارضة الوطنية هي التي تضع مصلحة الوطن هدفاً لها ثم مصلحة المواطن، ويخرج من هذا المفهوم تلك المعارضة التي تسعى لمناكفة السلطة القائمة لتحل محلها، ولو كان ذلك على حساب الوطن والمواطن، إن أي سلطة تمسك بإدارة الدولة واجبها العمل لإعلاء سيادة الوطن ثم خدمة المواطن بتوفير الخدمات الضرورية للمواطن، والسهر على صيانة حقوقه الدستورية والقانونية، وإذا بدر من هذه السلطة خطأ ترى فيه جموع المواطنين الممثلين بنوابهم ان ذلك ناتج عن تقصير هبت لمحاسبة تلك السلطة عن تقصيرها لإصلاح ذلك الخطأ، وهنا عليها تقديم البديل الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن. اما ان تقوم جماعة هدفها الوصول الى السلطة فقط، وترفع شعارات لاستنهاض الجماهير للوقوف معها لمناكفة السلطة، كأن تستغل المشاعر الدينية، او القبلية، او الطائفية كما حدث في الكويت في الآونة الاخيرة، فهذه جماعة انتهازية لا يظهر من فعلها انها حريصة على الوطن وجموع المواطنين، فلا توصف بالمعارضة الوطنية.
فالمعارضة الحقة هي التي تنبع من بين صفوف المواطنين يدفعها الحرص على سلامة الوطن مقرونة بمصلحة المواطن، وتقدم بديلاً يستجيب لمصالح المواطنين. وهذا ما لم توصف به المعارضة السابقة، حيث انها عندما كانت في السلطة سخّرت السلطة لمصالحها ومصالح أتباعها، سواء كانت حزبية او قبلية او طائفية على حساب الوطن، وحرمان اغلبية المواطنين من حقوقهم القانونية والدستورية، وعرضت الوطن لحالة من عدم الاستقرار كادت تجعله ساحة للفوضى. مثلما حدث في مصر عندما استغل الاخوان خروج المواطنين على سلطة مبارك طلباً للإصلاح، فخطفت هي السلطة وانفردت بها دون سواها من المواطنين، ولكن الشعب المصري سرعان ما أدرك ذلك فاستعاد السلطة منها، كذلك ما حدث في سوريا حيث استغل اعوان الاستعمار الغربي خروج المواطنين بطلب الاصلاح وهجموا لتدمير الوطن وتشريد المواطن، ومازال البعض يرفع شعارات المعارضة وهم جلوس في احضان المستعمر الصهيوني، لذا يجب ان نفرق بين طلب الاصلاح مع الوضع في الاعتبار مصلحة الوطن والمواطن، ومن يطلب السلطة برفع شعارات هدفها الوصول للسلطة على حساب الوطن والمواطن.