

ذعار الرشيدي- الأنباء:
يبدو أن نكتة الشاب الذي دخل على زملائه مرتعبا بعد أن شاهد حريقا في منزل الجيران وسألهم يا شباب.. منو يعرف رقم 777؟ فيه حريقة ببيت جيراننا» لم تكن مجرد نكتة خيالية أخرى، بل واقع ربما حصل فعلا ومنه انطلقت تلك الطرفة.
طبعا تلك النكتة كانت قبل أن يتغير رقم الطوارئ من 777 إلى 112.
ظهر أمس وأنا في طريقي إلى مكتبي في الجريدة، شاهدت سحبا من الدخان تتصاعد من محيط مستشفى الطب النفسي، وبحكم طبيعة عملي فقد توجهت إلى حيث موقع الحريق، وما أن توقفت حتى شاهدت النيران تتصاعد من شاليه بداخل مواقف مستشفى الطب النفسي يحيط به أكثر من 30 شخصا آسيويا وقد تركوا مطفئات الحريق في المواقف دون أن يستخدمها أي منهم، لم يكن الحريق كبيرا ولكن في حال امتداده كان سيتسبب في كارثة، وفوجئت بوافد بنغالي يسألني «بابا.. كم رقم مطافي؟»، لأكتشف أن الجميع كان يتفرج على الحريق ولا يعرف اي منهم رقم الطوارئ «112»، وأن أحدا منهم لم يتصل بالإطفاء بل كانوا يتساءلون عن الرقم، وهنا اتصلت من هاتفي وأبلغت العمليات، وحضر رجال الإطفاء بأقل من 5 دقائق وتمت مكافحة الحريق.
30 شخصا آسيويا كانوا يقفون موقف المتفرج لم يكن من بينهم من يعرف رقم الطوارئ «112»، ولم يكن من بينهم وأغلبهم من العاملين بالمستشفى من يعرف كيفية استخدام مطفأة الحريق، ولا يهم الثانية لأنه ليس ذنبهم أنهم لم يتلقوا أي دورات على التعامل مع الحرائق، بل الكارثة أن أيا منهم لم يكن يعرف رقم «112» وهو الرقم الموحد للعمليات المركزية للطوارئ، ولا ألومهم أيضا فمعظمهم لا يجيد العربية ولا الإنجليزية بل ولا حتى الأردو التي تم اعتمادها في حملات إعلانات رقم العمليات الجديد أو حتى القديم.
هذه الحادثة كشفت لي أن شريحة كبيرة من اخواننا المقيمين خاصة الآسيويين ممن لا يجيدون اللغات المعتمدة في الكويت يجهلون كثيرا من قوانين البلد، لأنها لا تصل إليهم، ولا غرابة إذا كانوا يجهلون أصلا رقم الطوارئ الذي بمعرفتهم له يمكن إنقاذ حياة شخص ما ربما يكون أنت.
مسؤولية جهل الأشخاص الـ 30 الذين وقفوا موقف المتفرج من الحريق برقم الطوارئ كما ذكرت ليس مشكلتهم، ولكنها مشكلة دولة بالدرجة الأولى، فهؤلاء من اخوتنا المقيمين لم تصلهم رسائل توعوية تعرفهم برقم الطوارئ. في جميع بلدان العالم تجد ملصقات للسكان أو للسياح أو حتى للزوار العابرين فحواها الجملة التالية «إذا تعرضت لأي موقف طارئ اتصل بـ 112» أو اي كان الرقم الخاص بعمليات الشرطة، أو تجد ملصقا في البنايات وما حولها «إذا شاهدت حريقا فاتصل بـ…»، في الكويت تقريبا لا وجود لتلك الملصقات إلا في أماكن محددة، هذه الملصقات يجب أن يتم نشرها في محيط المستشفيات في البلاد والدوائر الحكومية ومواقف الحافلات وأن يتم اعتماد اللغتين العربية والإنجليزية كلغتين رئيسيتين على ألا يتم اهمال بقية اللغات الأخرى لمن لا يجيد اللغتين خاصة من أبناء الجالية الآسيوية.
الملصقات تلك لن تتكلف بأي حال من الأحوال مبلغ مناقصة تعاقد مباشر ببضعة آلاف ولكنها ستنقذ ولا شك حياة كثيرين، والأهم أنها ستنشر التوعية في هذا الشأن بين أبناء الجاليات ممن لا ينطقون العربية ولا الانجليزية.
توضيح الواضح: الإطفائيون الذين حضروا موقع حريق الطب النفسي أمس كطليعة استكشاف بحاجة فعلية إلى درس في فن العلاقات العامة مع الجمهور.