خبر عاجلصورة و خبرمحلي

العتيقى تكتب : التعايش السلمى

555
خولة العتيقى

 بقلم خولة العتيقى

التعايش السلمي في المجتمع الواحد وبين أبناء الوطن الواحد غاية ينشدها الجميع، الكل في الوطن ينشد الاستقرار وينشد الأمن، وينشد العيش بسلام وطمأنينة، وهذا أصل إسلامي يجب على كل من يدعي أنه مسلم أن يضعه أمام عينيه وأن يعيش من خلاله، لأنه الغاية التي خلقت من أجلها البشرية، يقول العزيز في محكم كتابه الكريم {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} الحجرات 13.

 

لاحظ الخطاب في أول الآية {يا أيها الناس} فهو لم يقل «أيها المسلمون أو المؤمنون». وكلم الناس كافة، المختلفين أجناسا وألوانا والمتفرقين شعوبا وقبائل، ثم يأتي بالغاية من خلقهم وجعلهم شعوباً وقبائل، وهي التعارف «لتعارفوا» لا تتحاربوا وتتناحروا.

 

واختلافهم اختلاف لا يقتضي النزاع «كما يقول الشهيد» سيد قطب في تفسيره لهذه الآيات، بل يقتضي التعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات، وليس للون والجنس واللغة والوطن وسائر هذه المعاني من حساب في ميزان الله إنما هناك ميزان واحد تتحدد به القيم ويعرف به فضل الناس {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.

 

وحينما يكون ميزان التفاضل هو «التقوى» تتوارى جميع أسباب النزاع والخصومات في الأرض، وترخص جميع القيم التي يتكالب عليها الناس،. ويظهر سبب واضح للألفة والتعاون وهو ألوهية الله للجميع و خلقهم من أصل واحد، كما يرتفع لواء واحد يتسابق الجميع ليقفوا تحته «لواء التقوى في ظل الله» وهذا هو اللواء الذي رفعه الإسلام لينقذ البشرية من التعصب للجنس، والأرض، والقبيلة، والبيت.

 

وقد حارب الإسلام العصبية بكل أشكالها ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية الله لا راية الوطنية ولا القومية ولا المذهب ولا القبيلة ولا الجيش فكلها رايات زائفة.

 

إذا القاعدة التي يجب أن يقوم عليها المجتمع الإنساني العالمي هي راية الوحدة المجمعة لا المفرقة. وهي راية الله.

 

وعليه ونحن نعيش هذه الأزمات التي تعصف بمجتمعاتنا ونخص بالذكر «أزمة الطائفية» في المجتمع الواحد لابد لنا إن كنا مسلمين أن نقف ونتدبر ما جاء في كتاب الله من آيات تدعو للتعايش السلمي بين أبناء العالم كله ناهيك بأبناء الوطن الواحد.

 

فنحن نحب الله، ونحب رسوله وآل بيته، ولكل منا طريقته في حبه لهم، فلماذا نريد أن نفرض طريقتنا في هذا الحب على الآخر؟ ألا يكفي أن تركت الدولة حرية التعبير عن هذا الحب لكل الطوائف؟ فلماذا تحاول بعضها أن تفرض طريقتها على الفرق الأخرى؟ يسعدنا كثيراً حب آل البيت وإظهار هذا الحب وتشارك الفرق المختلفة في هذا التقدير لهم، وننسى في غمرة ذلك الحب والتقدير خالق آل البيت ولو كنا نحب الله أكثر منهم (أي آل البيت) لتبعنا كلام الله في جعلهم فريقا من الناس الذين يخاطبهم {يا أيها الناس} ولم يخاطبهم «بيا أهل البيت»، وبما أن آل البيت ولهم مني كل الحب والتقدير فريق من الناس- وليسوا أي فريق فهم آل البيت- إلا أن حبنا لهم وتعبيرنا عن هذا الحب يجب ألا يفرقنا بل من باب أولى أن يجمعنا وأن يوحدنا وأن يجعلنا يدا واحدة، نواجه بها العالم الجديد الذي يريد أن يضعف وحدتنا لتخور قوانا فتسهل السيطرة علينا.

 

أعداؤنا ليسوا المسلمين من ملتنا، اعداؤنا من يريدون أن يقوضوا ديننا. وفرصتهم في تفريقنا وزرع الطائفية في مجتمعاتنا هي وسيلتهم «ولا تفرقوا فتذهب ريحكم» ومتى ما تفرقنا ذهبت ريحنا وتفرقنا شيعا وأحزابا وتغلب علينا عدونا.

 

المصدر – الوطن 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى