محليات

العراق.. شلل تام ومخاوف من مظاهرات مضادة

يشهد العراق منذ نهاية العام الماضي شللاً سياسياً أدى إلى عجز الدولة عن انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة، وأدى ذلك إلى التصعيد السياسي في بلاد وانتهت باقتحام أنصار التيار الصدري مقر مجلس النواب العراقي أمس السبت.
وصعّد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حملة الضغط القصوى على الإطار التنسيقي الشيعي، ووضع خصومه، الموالي معظمهم لإيران، في مواجهة محفوفة بالمخاطر مع حشود غاضبة لم تتردد في اجتياح المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد للمرة الثانية خلال أيام، واقتحام البرلمان والاعتصام داخله، مع تطويق مبنى المجلس الأعلى للقضاء في رسالة واضحة تؤكد تمدد موجة الاستياء الشعبي من كل أجهزة الدولة إلى نظام المحاصصة الطائفي المعمول به منذ سقوط الرئيس العراقي صدام حسين في 2003.
وفي عشية الاحتجاجات الاخيرة حاول “إطاريون” التواصل مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لتجنب التصعيد لكن يبدو انهم لم يحصلوا على رد.
وعقب دقائق من دخول مجلس النواب أعلن إبراهيم الجابري مدير مكتب الصدر عن اعتصام مفتوح، وقال الجابري في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي “الشعب يختار الاعتصام المفتوح داخل البرلمان..” في إشارة إلى المتظاهرين الذي اقتحموا المجلس”.
وبحسب صحيفة “المدى” العراقية، اقترح متظاهرون بحسب بعض المحتجين الذين تواصلت معهم الصحيفة الذهاب إلى مجلس القضاء القريب من البرلمان، واستخدم متظاهرون مصطلحات عسكرية، في تقسيم الادوار حيث تبقى مجموعة “تمسك الارض” في البرلمان والأخرى تزحف نحو “القضاء”.
وفي وقت لاحق انسحب المتظاهرون من محيط مجلس القضاء الأعلى بعد تغريدة لصالح محمد العراقي منع فيها التعدي على مقرات القضاء، ودعا فيها المتظاهرين إلى العودة إلى مجلس النواب بوصفه رمز الشعب.
وبدأت في ذلك الوقت أعداد الملتحقين إلى محيط الخضراء بالتصاعد مع انتشار خبر اقتحام المنطقة الخضراء مجدداً، ووصل بعد ساعة من دخول البرلمان بعض المتظاهرين الى محيط مجلس القضاء.

تعليق جلسات البرلمان
فيما استبعدت قوى سياسية استئناف عمل مجلس النواب قريباً بسبب الأزمة الحالية واعتصام جمهور التيار الصدري في مبنى البرلمان، داعين إلى إجراء مفاوضات ومباحثات مباشرة بين الكتل المتخاصمة بهدف الوصول إلى حلول تنزع فتيل الأزمة.
وأصدر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بياناً صحافياً، أكد فيه تعليق جلسات البرلمان إلى إشعار آخر.
وقال عضو تحالف الفتح فاضل الفتلاوي، في تصريح لصحيفة “المدى” العراقية، إن الأجواء المشحونة يصعب معها عقد جلسة قريبة للبرلمان، وعلى العقلاء والحكماء التحرك لتدارك الموقف من خلال الحوار والتفاهم.
وأضاف الفتلاوي، أن الجلوس على طاولة حوار مباشرة كفيل بحل العديد من المشكلات، خصوصاً وأن البرلمان سوف يعيش حالة من التعطيل نتيجة التطورات الأخيرة.
وطالب، القادة السياسيين بـ “إطلاق خطابات هادئة تسعى إلى نزع فتيل الأزمة، والتفكير بمصلحة البلد والتفكير في حلول واقعية تتناسب مع المرحلة التي نحن فيها”.

جراحة قيصرية
وقال مصدر سياسي رفيع لصحيفة “الجريدة” الكويتية، إن الصدر لم يجازف بهذه الخطوة بهدف الضغط لتنظيم انتخابات مبكرة، ولا لمنع حلفاء طهران في الإطار التنسيقي من تشكيل حكومة جديدة، بل ذهب لأبعد من ذلك بكثير، نحو المس بنوع النظام السياسي وإجراء جراحة قيصرية للدستور نفسه. الأمر وصل إلى ما هو بمثابة انقلاب لإصلاح النظام”.
ودعا الجناح المعتدل في “الإطار التنسيقي” إلى التحرك العاجل لإطلاق حوار وطني لمنع الاحتكاكات من التحول إلى “حرب داخلية شيعية”، بعد ليلة أغلق فيها أنصار الصدر معظم مكاتب زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، لانتقاده فكرة اقتحام البرلمان.
ويحاول كبار القادة أن يفهموا الموقف الإيراني الذي وصفوه بـ “الغامض”، فإذا رفضت طهران خطوة الصدر فيمكنها أن تقود الفصائل في حرب أهلية ضد التيار، حفاظاً على نفوذها، أما إذا قررت التعايش مع “انقلاب الصدر” والقبول بعلاقة مميزة مع عراق مستقر بدلاً من نفوذ مكلف ومرفوض شعبياً في بغداد، فإن هذا يعني بدء مرحلة جديدة سيقبلها الأكراد والسُّنة، حسب تعبير
المصادر السياسية.
في المقابل، دعا “الإطار التنسيقي” أنصاره إلى النزول في تظاهرات مضادة، وطالب المرجع الأعلى السيد علي السيستاني بالتدخل، لتفادي إراقة الدماء، محمّلاً الصدر المسؤولية عن ذلك إن حدث.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قاله إنه يتابع بقلق الاحتجاجات المستمرة في العراق، والتي أصيب خلالها عدد من الأشخاص.
ونقل بيان عن نائب المتحدث باسمه فرحان حق القول إن الأمين العام يؤكد على أن احترام حرية التعبير والتجمع السلمي من الحقوق الأساسية التي ينبغي احترامها في جميع الأوقات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى