
عدنان فرزات:

كيف حصل هذا التنظيم على الكاميرات والمعدات وآلات المونتاج والمؤثرات البصرية المتطورة؟! الشعر الأشعث واللحية المرسلة بلا تشذيب، لا تعكس كل الحقيقة لدى أفراد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فهذا المظهر الذي يبدو بدائياً للبعض، يخفي وراءه سراً ما لعقليات متطورة تقنياً وعسكرياً وعلمياً، ويتجلى ذلك في عدة مواقف تدل على أن هذا التنظيم لديه أشخاص على درجة عالية من الدراسة والاطلاع. ويتجلى ذلك بوضوح من خلال الآتي: يمتلك التنظيم مقدرة فنية عالية في التصوير السينمائي، وكتابة السيناريو واختيار زاوية الكاميرات -وليس كاميرا واحدة- واستخدام أحدثها، وهذا يعني أن من يقوم بهذا التصوير لابد أنه درس في كليات أو معاهد أو اتبع دورات حديثة في هذا الفن، والأكيد أن هذه الكليات أو المعاهد لا وجود لها في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا، فأين درسها إذاً..؟
التصوير الذي يقوم به التنظيم، يدل على أن وراءه كتاب سيناريو على درجة عالية من الاحترافية، وذلك من خلال المشاهد التي يتم تصويرها لبيوت مهدّمة قبل إعدام الأشخاص، بحركة تراجيدية، ثم دخول الكاميرا إلى الكادر من زوايا فنية غير مألوفة مثل عين أحد أفراد التنظيم، وهكذا إلى لحظات إشعال النيران بطريقة هوليوودية. وآخرها إعدام العمال المصريين في ليبيا من خلال اختيارهم لكادر تصوير تتخلله الوحشة، بحيث جعلوا البحر الأبيض المتوسط خلفية لمشهد القتل، ثم امتزاج الدم بالموج ورصد الكاميرا لحركة هذا الموج المضرج، وهو يلطم الشاطئ، وأيضاً تصوير آثار أقدام مغروسة في الأرض بحركة جنائزية.
كل هذا وغيره من الفنيات العالية التي يتبعها التنظيم تدل على أمرين: إما أنها حصيلة دراسة وخبرة أحضرها معهم المقاتلون الأجانب الذين قدموا من الغرب، وأعدادهم تقدّر اليوم بالآلاف، وإما أن أفراد التنظيم المختصين بهذا الجانب تعلموا ذلك من دروس على الإنترنت، ولكن على يد متخصصين ماهرين، لأنه من البديهي ألا يلتحق شخص متشدد بكليات سينمائية، وأصلاً التنظيم حرّم حتى المناهج العلمية والأدبية في المدارس والجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرته.
والسؤال الثاني، كيف حصل هذا التنظيم على الكاميرات والمعدات وآلات المونتاج والمؤثرات البصرية المتطورة، فنقل هذه المعدات يحتاج إلى عناية كبيرة، لأنها قابلة للعطب السريع، بل إن إدخال كاميرا سينمائية واحدة عبر منافذ المطارات يحتاج إلى موافقات وتصاريح، إلا في حالة واحدة، أن يكون التنظيم قد كتب على كراتين الشحن التي تحتوي على هذه المعدات عبارة: «خاص للدولة الإسلامية».